ومنها كقوله عز وجل التدريج في البيان شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إذ لم يظهر به أنه ليل أو نهار وبان بقوله عز وجل إنا أنزلناه في ليلة مباركة ولم يظهر به أي ليلة فظهر بقوله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر وربما يظن في الظاهر الاختلاف بين هذه الآيات فهذا وأمثاله مما لا يغني فيه إلا النقل والسماع فالقرآن من أوله إلى آخره غير خال عن هذا الجنس ; لأنه أنزل بلغة العرب فكان مشتملا على أصناف كلامهم من إيجاز وتطويل وإضمار وحذف وإبدال وتقديم وتأخير ليكون ذلك مفحما لهم ومعجزا في حقهم فكل من اكتفى بفهم ظاهر العربية وبادر إلى تفسير القرآن ولم يستظهر بالسماع والنقل في هذه الأمور فهو داخل فيمن فسر القرآن برأيه مثل أن يفهم من الأمة المعنى الأشهر منه فيميل طبعه ورأيه إليه فإذا سمعه في موضع آخر مال برأيه إلى ما سمعه من مشهور .
معناه وترك تتبع النقل في كثير معانيه فهذا ما يمكن أن يكون منهيا عنه دون التفهم لأسرار المعاني كما سبق فإذا حصل السماع بأمثال هذه الأمور علم ظاهر التفسير ، وهو ترجمة الألفاظ ولا يكفي ذلك في فهم حقائق المعاني