ويدرك بمثال وهو إن الله عز وجل قال الفرق بين حقائق المعاني وظاهر التفسير وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فظاهره تفسير واضح وحقيقة معناه غامض فإنه إثبات للرمي ونفي له وهما متضادان في الظاهر ، ما لم يفهم أنه رمى من وجه ، ولم يرم من وجه ، ومن الوجه الذي لم يرم رمى الله عز وجل .
وكذلك قال تعالى : قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم فإذا كانوا هم المقاتلين كيف يكون الله سبحانه هو المعذب ؟ وإن كان الله تعالى هو المعذب بتحريك أيديهم فما معنى أمرهم بالقتال فحقيقة هذا يستمد من بحر عظيم من علوم المكاشفات لا يغني عنه ظاهر التفسير وهو أن يعلم وجه ارتباط الأفعال بالقدرة الحادثة ويفهم وجه ارتباط القدرة بقدرة الله عز وجل حتى ينكشف بعد إيضاح أمور كثيرة غامضة صدق قوله عز وجل وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .