وأما الآثار فقد قال رضي الله عنه : أبو الدرداء لا يجل كبيركم، ولا يرحم صغيركم ويدعوا عليه خياركم فلا يستجاب لهم، وتستنصرون فلا تنصرون ، وتستغفرون فلا يغفر لكم . لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم سلطانا ظالما
وسئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء ، فقال : الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه .
وقال مالك بن دينار كان حبر من أحبار بني إسرائيل ، يغشى الرجال والنساء منزله يعظهم ويذكرهم بأيام الله عز وجل فرأى بعض بنيه يوما وقد غمز بعض النساء ، فقال : مهلا يا بني مهلا وسقط من سريره فانقطع نخاعه، وأسقطت امرأته، وقتل بنوه في الجيش ، فأوحى الله تعالى إلى نبي زمانه أن أخبر فلانا الخبر، أني لا أخرج من صلبك صديقا أبدا أما كان من غضبك لي إلا أن قلت : مهلا يا بني مهلا .
وقال يأتي على الناس زمان لأن تكون فيهم جيفة حمار أحب إليهم من مؤمن يأمرهم وينهاهم . حذيفة
وأوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون عليه السلام إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم ، وستين ألفا من شرارهم . فقال : يا رب ، هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار ؟ قال : إنهم لم يغضبوا لغضبي ، وواكلوهم وشاربوهم .
وقال إن المعصية إذا أخفيت لم تضر إلا صاحبها ، فإذا أعلنت ولم تغير، أضرت بالعامة . وقال بلال بن سعد كعب الأحبار كيف منزلتك من قومك ؟ قال : حسنة . قال لأبي مسلم الخولاني كعب : إن التوراة لتقول غير ذلك قال: وما تقول؟ قال: تقول : إن الرجل إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ساءت منزلته عند قومه فقال : صدقت التوراة وكذب أبو مسلم .
وكان رضي الله عنهما يأتي العمال ثم قعد عنهم فقيل له : لو أتيتهم ، فلعلهم يجدون في أنفسهم فقال : أرهب إن تكلمت أن يروا أن الذي بي غير الذي بي ، وإن سكت رهبت أن آثم وهذا يدل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف فعليه أن يبعد عن ذلك الموضع ويستتر عنه حتى لا يجري بمشهد منه . عبد الله بن عمر
وقال رضي الله عنه : أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فإذا لم يعرف القلب المعروف ، ولم ينكر المنكر نكس ، فجعل أعلاه أسفله . علي بن أبي طالب
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله أيما عبد عمل في شيء من دينه بما أمر به أو نهى عنه ، وتعلق به عند فساد الأمور ، وتنكرها وتشوش الزمان فهو ممن قد قام لله في زمانه بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر معناه أنه إذا لم يقدر إلا على نفسه فقام بها وأنكر أحوال الغير بقلبه فقد جاء بما هو الغاية في حقه . .
وقيل للفضيل ألا تأمر وتنهى ؟ فقال : إن قوما أمروا ونهوا فكفروا ، وذلك أنهم لم يصبروا على ما أصيبوا .
وقيل للثوري ألا تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ؟ فقال : إذا انبثق البحر فمن يقدر أن يسكره ؟ فقد ظهر بهذه الأدلة أن واجب وأن فرضه لا يسقط مع القدرة إلا بقيام قائم به ، فلنذكر الآن شروطه وشروط وجوبه . الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر