الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الركن الرابع .

في دواء التوبة ، وطريق العلاج لحل عقدة الإصرار :

اعلم أن الناس قسمان .

شاب لا صبوة له نشأ على الخير ، واجتناب الشر وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعجب ربك من شاب ليست له صبوة وهذا عزيز نادر .

التالي السابق


(الركن الرابع في) بيان السبب الباعث على (دواء التوبة، وطريق العلاج لحل عقدة الإصرار: اعلم) أرشدك الله (أن الناس قسمات) : الأول (شاب لا صبوة له) ، وهو الميل إلى هوى النفس بمقتضى السن، (نشأ) من صغره (على الخير، واجتناب الشر) ، وهذا (هو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعجب ربك من شاب ليست له صبوة) ، والعجب كون الشيء خارجا عن نظائره من جنسه حتى يكون نظره في صفة، ويكون استعظام الشيء واستكباره لخروجه عن العادة وبعده; وذلك مما ينزه عن مثله الباري تعالى فيؤول بمعنى يعظم قدره عنده فيحيز له أجره، وإنما عبر بذلك تقريبا لأفهام العرب .

قال العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر، وفيه ابن لهيعة ا هـ .

قلت: وكذلك رواه أبو يعلى وتمام في فوائده، والقضاعي في مسند الشهاب، كلهم من طريق ابن لهيعة: حدثنا أبو عشانة، عن عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ: "إن الله ليعجب من الشاب ليست له صبوة"، وسنده حسن، وضعفه الحافظ ابن حجر في فتاويه لأجل ابن لهيعة.

وأما سياق المصنف فوجدته في تاريخ مصر لابن الربيع الجيزي قال: حدثني أبي، حدثنا أبو الأسود نصر بن عبد الجبار، وأسد بن موسى ح، وحدثنا عبد الله بن نعمة، حدثني محمد بن قدامة، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعمر بن خالد قالوا - وهم خمسة -: حدثنا، وعند بعضهم: أخبرنا، عن ابن لهيعة، عن أبي عشانة، وعند بعضهم: حدثنا أبو عتانة قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، وعند بعضهم "يعجب ربك تعالى"، وعند بعضهم [ ص: 609 ] عز وجل، وروينا في خبر أبي حاتم الحضرمي من حديث الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: كان يعجبهم أن لا يكون للشاب صبوة .

(وهذا عزيز نادر) الوجود لخروجه عن العادة، وبعده عن العرف .



(تنبيه)

هل الأفضل شاب لا صبوة له لكونه لم يلابس كبيرة، ونجا من ضررها وخطرها، والسؤال عنها في القيامة، أو من قارف الذنوب وتاب توبة نصوحة; لكونه أقلع عن الشهوات لله بعد إلفه لها، وتعوده لذاتها، ثم فارق لذته، وشهوته لله؟

قولان: وكلام المحاسبي يقتضي ترجيح الأول، والله أعلم .




الخدمات العلمية