الدرجة الثامنة : أن لا يقدر عليه بنفسه ويحتاج فيه إلى أعوان يشهرون السلاح ، وربما يستمد الفاسق أيضا بأعوانه ويؤدي ذلك إلى أن يتقابل الصفان ، ويتقاتلا فهذا قد ظهر الاختلاف في احتياجه إلى إذن الإمام ، فقال قائلون : لا يستقل آحاد الرعية بذلك لأنه يؤدي إلى تحريك الفتن وهيجان الفساد وخراب البلاد وقال آخرون : لا يحتاج إلى الإذن وهو الأقيس لأنه إذا جاز للآحاد الأمر بالمعروف وأوائل درجاته تجر إلى ثوان ، والثواني إلى ثوالث وقد ينتهي لا محالة إلى التضارب والتضارب يدعو إلى التعاون فلا ينبغي أن يبالي بلوازم الأمر بالمعروف ، ومنتهاه تجنيد الجنود في رضا الله ودفع معاصيه ونحن نجوز للآحاد من الغزاة أن يجتمعوا ويقاتلوا من أرادوا من فرق الكفار قمعا لأهل الكفر فكذلك قمع أهل الفساد جائز لأن الكافر لا بأس بقتله ، والمسلم إن قتل فهو شهيد فكذلك الفاسق المناضل عن فسقه لا بأس بقتله والمحتسب المحق إن قتل مظلوما فهو شهيد وعلى الجملة فانتهاء الأمر إلى هذا من النوادر في الحسبة فلا يغير به قانون القياس بل يقال كل من قدر على دفع منكر ، فله أن يدفع ذلك بيده وبسلاحه وبنفسه وبأعوانه فالمسألة إذن محتملة كما ذكرناه ، فهذه فلنذكر آدابها والله الموفق . درجات الحسبة ،