منها: المنكرات العامة .
اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خاليا في هذا الزمان عن منكر من حيث فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد فكيف في القرى والبوادي ومنهم الأعراب والأكراد والتركمانية وسائر أصناف الخلق وواجب أن يكون في كل مسجد ومحلة من البلد فقيه يعلم الناس دينهم وكذا في كل قرية، وواجب على كل فقيه فرغ من فرض عينه وتفرغ لفرض الكفاية أن يخرج إلى من يجاور بلده من أهل السواد ومن التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم وحملهم على المعروف ، العرب والأكراد وغيرهم ويعلمهم دينهم وفرائض شرعهم ويستصحب مع نفسه زادا يأكله ولا يأكل من أطعمتهم ، فإن أكثرها مغصوب فإن قام بهذا الأمر واحد سقط الحرج عن الآخرين وإلا عم الحرج الكافة أجمعين .
أما العالم فلتقصيره في الخروج .
وأما الجاهل فلتقصيره في ترك التعلم .
وكل عامي عرف شروط الصلاة فعليه أن يعرف غيره وإلا فهو شريك في الإثم .
ومعلوم أن الإنسان لا يولد عالما بالشرع وإنما فكل من تعلم مسألة واحدة فهو من أهل العلم بها . يجب التبليغ على أهل العلم ،
ولعمري الإثم على الفقهاء أشد لأن قدرتهم فيه أظهر وهو بصناعتهم أليق لأن المحترفين لو تركوا حرفتهم لبطلت المعايش فهم قد تقلدوا أمرا لا بد منه في صلاح الخلق .
وشأن الفقيه وحرفته تبليغ ما بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن وليس للإنسان أن يقعد في بيته ولا يخرج إلى المسجد لأنه يرى الناس لا يحسنون الصلاة ، بل إذا علم ذلك وجب عليه الخروج للتعليم وكذا النهي وكل من تيقن أن في السوق منكرا يجري على الدوام أو في وقت بعينه وهو قادر على تغييره فلا يجوز له أن يسقط ذلك عن نفسه بالقعود في البيت بل يلزمه الخروج ، فإن كان لا يقدر على تغيير الجميع، وهو محترز عن مشاهدته ، ويقدر على البعض لزمه الخروج لأن خروجه إذا كان لأجل تغيير ما يقدر عليه فلا يضره مشاهدة ما لا يقدر عليه وإنما يمنع الحضور لمشاهدة المنكر من غير غرض صحيح فحق على كل مسلم أن يبدأ بنفسه فيصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات ثم يعلم ذلك أهل بيته ثم يتعدى بعد الفراغ منهم إلى جيرانه ثم إلى أهل محلته ثم إلى أهل بلده ثم إلى أهل السواد المكتنف ببلده ثم إلى أهل البوادي من الأكراد والعرب وغيرهم وهكذا إلى أقصى العالم فإن قام به الأدنى سقط عن الأبعد وإلا حرج به على كل قادر عليه قريبا كان أو بعيدا ولا يسقط الحرج ما دام يبقى على وجه الأرض جاهل بفرض من فروض دينه وهو قادر على أن يسعى إليه بنفسه أو بغيره فيعلمه فرضه ، وهذا شغل شاغل لمن يهمه أمر دينه يشغله عن تجزئة الأوقات في التفريعات النادرة والتعمق في دقائق العلوم التي هي من فروض الكفايات ، ولا يتقدم على هذا إلا فرض عين أو فرض كفاية هو أهم منه . العلماء هم ورثة الأنبياء