بيان . إغضائه صلى الله عليه وسلم عما كان يكرهه
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق البشرة لطيف الظاهر والباطن يعرف في وجهه غضبه ورضاه وكان إذا اشتد وجده أكثر من مس لحيته الكريمة وكان لا يشافه أحدا بما يكرهه دخل عليه رجل وعليه صفرة ، فكرهها فلم يقل له شيئا حتى خرج فقال لبعض القوم : لو قلتم لهذا أن يدع هذه يعني الصفرة وبال أعرابي في المسجد بحضرته فهم به الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه أي لا تقطعوا عليه البول ثم قال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر والبول والخلاء وفي رواية : قربوا ولا تنفروا وجاءه أعرابي يوما يطلب منه شيئا فأعطاه صلى الله عليه وسلم ثم قال له : أحسنت إليك قال الأعرابي : لا ، ولا أجملت ، قال : فغضب المسلمون ، وقاموا إليه ، فأشار إليهم أن كفوا ثم قام ودخل منزله ، وأرسل إلى الأعرابي ، وزاده شيئا ثم قال : أحسنت إليك قال : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي شيء من ذلك ، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي ، حتى يذهب من صدورهم ما فيها عليك ، قال : نعم ، فلما كان الغد أو العشي جاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه ، فزعم أنه رضي أكذلك ، فقال الأعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا ، فقال صلى الله عليه وسلم ، إن مثلي ومثل هذا الأعرابي ، كمثل رجل كانت له ناقة شردت عليه ، فاتبعها الناس ، فلم يزيدوها إلا نفورا فناداهم صاحب الناقة : خلوا بيني وبين ناقتي ، فإني أرفق بها وأعلم ، فتوجه لها صاحب الناقة بين يديها ، فأخذ لها من قمام الأرض فردها هونا حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال ، فقتلتموه دخل النار .