الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وشكا إليه البعير بحضرة أصحابه وتذلل له .

التالي السابق


(و) من معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه (شكا إليه البعير بحضرة أصحابه وتذلل له) قال العراقي : رواه أبو داود من حديث عبد الله بن جعفر في أثناء حديث ، وفيه : "فإنه شكا إلي تجيعه وتدئبه " ، وأول الحديث رواه مسلم دون قصة البعير اهـ .

قلت : حديث عبد الله بن جعفر أخرجه ابن شاهين في الدلائل ، قال : "أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه ، فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس ، قال : وكان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل ، فدخل حائط رجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم - حن فذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم - فمسح جرانه فسكن ، ثم قال : من رب هذا الجمل لمن هذا الجمل ؟ فجاء فتى من الأنصار ، فقال : هذا لي يا رسول الله ، فقال : ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياه ، فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه " ، وهو حديث صحيح .

ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل ، عن مهدي بن ميمون ، وقد رويت هذه القصة من وجه آخر ، روى أحمد والبغوي في شرح السنة من حديث يعلى بن مرة الثقفي : "بينا نحن نسير مع النبي صلى الله عليه وسلم - إذ مر بنا بعير يسقى عليه ، فلما رآه البعير جرجر فوضع جرانه فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم - فقال : أين صاحب البعير ، فجاءه فقال : بعنيه ، فقال : بل نهبه لك يا رسول الله ، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره ، قال : أما إذا ذكرت هذا من أمره ، فإنه شكا كثرة العمل ، وقلة العلف ، فأحسنوا إليه " .

وقد روي في قصة سجود الجمل له ، روى أحمد والنسائي من حديث أنس ، قال : "كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسقون عليه ، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره ، وإن الأنصار جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنه كان لنا جمل نسقي عليه ، وإنه استصعب علينا ، ومنعنا ظهره ، وقد عطش النخل والزرع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : قوموا ، فقاموا ، فدخل الحائط والجمل في ناحية ، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم - نحوه فقالت الأنصار : يا رسول الله ، قد صار مثل الكلب ، وإنا نخاف عليك صولته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : ليس علي منه بأس ، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم - بناصيته أذل ما كان قط ، حتى أدخله في العمل " ، الحديث .




الخدمات العلمية