ومن أبوابه العظيمة الدراهم والدنانير وسائر أصناف الأموال من العروض والدواب والعقار فإن كل ، فإن من معه قوته فهو فارغ القلب فلو وجد مائة دينار مثلا على طريق انبعث من قلبه شهوات تحتاج كل شهوة منها إلى مائة دينار أخرى ، فلا يكفيه ما وجد ، بل يحتاج إلى تسعمائة أخرى ، وقد كان قبل وجود المائة مستغنيا ، فالآن لما وجد مائة ظن أنه صار بها غنيا ، وقد صار محتاجا إلى تسعمائة ليشتري دارا يعمرها وليشتري جارية وليشتري أثاث البيت ويشتري الثياب الفاخرة وكل شيء من ذلك يستدعي شيئا آخر يليق به وذلك لا آخر له فيقع في هاوية آخرها عمق جهنم ، فلا آخر لها سواه قال ، ثابت البناني لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إبليس لشياطينه : لقد حدث أمر فانظروا ما هو ، فانطلقوا حتى أعيوا ثم جاءوا وقالوا : ما ندري قال : أنا آتيكم بالخبر ، فذهب ثم جاء ، وقال : قد بعث الله ما يزيد على قدر القوت والحاجة ، فهو مستقر الشيطان ، محمدا - صلى الله عليه وسلم قال فجعل يرسل شياطينه إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فينصرفون خائبين ويقولون : ما صحبنا قوما قط مثل هؤلاء نصيب منهم ثم يقومون إلى صلاتهم فيمحى ذلك فقال لهم إبليس: رويدا بهم عسى الله أن يفتح لهم الدنيا فنصيب منهم حاجتنا .
وروي أن عيسى عليه السلام توسد يوما حجرا فمر به إبليس فقال: يا عيسى رغبت في الدنيا، فأخذه عيسى صلى الله عليه وسلم فرمى به من تحت رأسه، وقال: هذا لك مع الدنيا، وعلى الحقيقة من يملك حجرا يتوسد به عند النوم، فقد ملك من الدنيا ما يمكن أن يكون عدة للشيطان عليه ، فإن القائم بالليل مثلا للصلاة مهما كان بالقرب منه حجر يمكن أن يتوسده، فلا يزال يدعوه إلى النوم والي أن يتوسده ، ولو لم يكن لك لكان لا يخطر بباله ذلك، ولا يتحرك رغبته إلى النوم هذا في حجر ، فكيف من يملك المخاد الوثيرة، والفرش اللينة والمتنزهات الطيبة ، فمتى ينشط لعبادة الله تعالى .