وهذه الأسرار لا يجوز لشيخ أن يكاشف بها مريده ، بل يقتصر على مدح الجوع فقط ، ولا يدعوه إلى الاعتدال ؛ فإنه يقصر لا محالة عما يدعوه إليه ، فينبغي أن يدعوه إلى غاية الجوع حتى يتيسر له الاعتدال .
ولا يذكر له أن العارف الكامل يستغني عن الرياضة فإن الشيطان يجد متعلقا من قلبه فيلقى ، إليه كل ساعة : إنك عارف كامل ، وما الذي فاتك من المعرفة والكمال ؟ بل كان من عادة إبراهيم الخواص أن يخوض مع المريد في كل رياضة كان يأمره بها كيلا ؛ يخطر بباله أن الشيخ يأمره بما لم يفعل ، فينفره ذلك من رياضته ؛ تشبها بهم ، وتلطفا في سياقتهم إلى السعادة ، وهذا ابتلاء عظيم للأنبياء والأولياء والقوي إذا اشتغل بالرياضة وإصلاح الغير ، لزمه النزول إلى حد الضعفاء ولذلك أدب وإذا كان الاعتدال خفيا في حق كل شخص ، فالحزم والاحتياط ينبغي أن لا يترك في كل حال رضي الله عنه ولده عمر عبد الله إذ دخل عليه فوجده يأكل لحما مأدوما بسمن فعلاه بالدرة وقال : لا أم لك كل يوما خبزا ولحما ويوما خبزا ولبنا ، ويوما خبزا وسمنا ، ويوما خبزا وزيتا ويوما خبزا وملحا ويوما خبزا قفارا وهذا هو الاعتدال ، فأما المواظبة على اللحم والشهوات فإفراط وإسراف وهذا قوام بين ذلك والله تعالى أعلم . ومهاجرة اللحم بالكلية إقتار
.