وفيما سنذكره من الآفات وعسر الاحتراز عنها ما يعرفك حقيقة ذلك إن شاء الله تعالى .
، ونحن الآن نعد ونبتدئ بأخفها ، ونترقى إلى الأغلظ قليلا ، ونؤخر الكلام في الغيبة والنميمة والكذب ؛ فإن النظر فيها أطول وهي عشرون آفة ، فاعلم ذلك ترشد بعون الله تعالى . آفات اللسان
الآفة الأولى : . الكلام فيما لا يعنيك
اعلم أن أحسن أحوالك أن تحفظ ألفاظك من جميع الآفات التي ذكرناها من الغيبة والنميمة والكذب ، والمراء والجدال وغيرها ، وتتكلم فيما هو مباح لا ضرر عليك فيه ولا على مسلم أصلا إلا أنك تتكلم بما أنت مستغن عنه ، ولا حاجة بك إليه ، فإنك مضيع به زمانك ومحاسب على عمل لسانك وتستبدل ، الذي هو أدنى بالذي هو خير لأنك لو صرفت زمان الكلام إلى الفكر ربما كان ينفتح لك من نفحات رحمة الله عند الفكر ما يعظم جدواه ولو هللت الله سبحانه وذكرته وسبحته لكان خيرا لك فكم من كلمة يبنى بها قصرا في الجنة ومن قدر على أن يأخذ كنزا من الكنوز فأخذ مكانه مدرة لا ينتفع بها ، كان خاسرا خسرانا مبينا ، وهذا مثال من ترك ذكر الله تعالى واشتغل بمباح لا يعنيه ؛ فإنه وإن لم يأثم فقد خسر حيث فاته الربح العظيم بذكر الله تعالى ، فإن المؤمن لا يكون صمته إلا فكرا ونظره إلا عبرة ونطقه ، إلا ذكرا ، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم .
بل رأس مال العبد أوقاته ، ومهما صرفها إلى ما لا يعنيه ، ولم يدخر بها ثوابا في الآخرة فقد ، ضيع رأس ماله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : . " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه