والتعرض للأموات أشد ، قال مسروق دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت : ما فعل فلان لعنه الله . قلت توفى : . قالت : رحمه الله . قلت : وكيف هذا ؟ قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الأموات ؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا وقال صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الأموات ، فتؤذوا به الأحياء وقال صلى الله عليه وسلم : أيها الناس ، احفظوني في أصحابي وإخواني وأصهاري ، ولا تسبوهم ، أيها الناس ، إذا مات الميت فاذكروا منه خيرا .
فإن قيل : فهل يجوز أن يقال : قاتل الحسين لعنه الله ، أو الآمر بقتله لعنه الله ؟ قلنا : الصواب أن يقال : قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله ; لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة فإن وحشيا قاتل حمزة عم رسول الله قتله وهو كافر ، ثم تاب عن الكفر والقتل جميعا ولا يجوز أن يلعن والقتل كبيرة ، ولا تنتهي إلى رتبة الكفر ، فإذا لم يقيد بالتوبة وأطلق ، كان فيه خطر وليس في السكوت خطر ، فهو أولى .
وإنما أوردنا هذا لتهاون الناس باللعنة وإطلاق اللسان بها والمؤمن ليس بلعان فلا ينبغي أن يطلق اللسان باللعنة إلا على من مات على الكفر أو على الأجناس المعروفين بأوصافهم دون الأشخاص المعينين فالاشتغال بذكر الله أولى فإن لم يكن ، ففي السكوت سلامة .
قال مكي بن إبراهيم كنا عند ابن عون فذكروا بلال بن أبي بردة فجعلوا يلعنونه ويقعون فيه وابن عون ساكت فقالوا يا ابن عون : إنما نذكره لما ارتكب منك فقال : إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة ; لا إله إلا الله ، ولعن الله فلانا ، فلأن يخرج من صحيفتي لا إله إلا الله أحب إلي من أن يخرج منها لعن الله فلانا وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أوصني . فقال : أوصيك أن لا تكون لعانا .


