الثالث والعشرون : في
nindex.php?page=treesubj&link=29024الكلام على قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لقد رأى من آيات ربه الكبرى [النجم : 18] .
اللباب : «في الكبرى وجهان ، أظهرهما أنه مفعول رأى من آيات ربه حال مقدمه ، والتقدير : لقد رأى الآيات الكبرى من آيات ربه . والثاني أن «من آيات ربه» هو مفعول الرؤية ، والكبرى صفة لآيات ربه . وهذا الجمع يجوز وصفه بوصف المؤنثة الواحدة ، وحسنه هنا كونها فاصلة» .
الإمام
الرازي : «في الكبرى وجهان : أحدهما : أنهما صفة لمحذوف تقديره لقد رأى من آيات ربه . ثانيهما : صفة لآيات ربه ، فيكون مفعول رأى محذوفا تقديره : رأى من آيات ربه الكبرى آية أو شيئا .
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : «ويجوز أن تكون «من» زائدة ، أي رأى آيات ربه الكبرى . وقال بعضهم : آيات ربه الكبرى هي أنه رأى
جبريل عليه السلام في صورته» .
قال
الإمام : «والظاهر أن هذه الآيات غير تلك لأن
جبريل وإن كان عظيما لكن ورد في الأخبار إن لله ملائكة أعظم منه . والكبرى تأنيث الأكبر ، فكأنه تعالى قال : رأى من آيات ربه آيات هي أكبر الآيات . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : «رأى
جبريل في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض» .
[ ص: 54 ]
قال
الحافظ : «وبهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف وأنه حلة ، ويؤيده قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76متكئين على رفرف خضر [الرحمن : 76] . وأصل الرفرف ما كان من الديباج رقيقا حسن الصفة . ثم اشتهر استعماله في الستر ، وكل ما فضل من شيء وعطف وثني فهو رفرف» .
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : «هو ما رأى تلك الليلة في مسراه في عوده وبدئه وهذا أحسن» .
قال
الإمام : «وهذه الآية تدل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=30639النبي صلى الله عليه وسلم لم ير الله تعالى ليلة المعراج وإنما رأى آيات الله تعالى وفيه خلاف ، ووجه الدلالة أنه تعالى ختم قصة المعراج ها هنا برؤية الآيات وقال سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سبحان الذي أسرى بعبده ليلا [الإسراء : 1] إلى أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لنريه من آياتنا ولو كان رأى ربه لكان ذلك أعظم ما يمكن ، فكانت الآية للرؤية ، وكان أكبر شيء هو الرؤية» .
ابن كثير : «وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من
أهل السنة إلى أن الرؤية تلك الليلة لم تقع لأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لقد رأى من آيات ربه الكبرى ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ، ولقال ذلك للناس» .
خاتمة : اشتملت هذه الآيات على قسمه تعالى على هداية نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم ، وتنزيهه عن الهوى وصدقه فيما تلا ، وأنه وحي يوحى ، يوصله إليه
جبريل الشديد القوي عن الله تبارك وتعالى العلي الأعلى ، واحتوت أيضا على تزكية جملته صلى الله عليه وسلم وعصمته من الارتياب في هذا المسرى ، ثم أخبر تعالى فيها عن فضيلته بقصة الإسراء وانتهائه إلى سدرة المنتهى ، وتصديق بصره فيما روي أنه رأى من آيات ربه الكبرى .
[ ص: 55 ]
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29024الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النَّجْمُ : 18] .
اللُّبَابُ : «فِي الْكُبْرَى وَجْهَانِ ، أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ مَفْعُولُ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ حَالَ مَقْدِمِهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَقَدْ رَأَى الْآيَاتِ الْكُبْرَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ . وَالثَّانِي أَنَّ «مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ» هُوَ مَفْعُولُ الرُّؤْيَةِ ، وَالْكُبْرَى صِفَةٌ لِآيَاتِ رَبِّهِ . وَهَذَا الْجَمْعُ يَجُوزُ وَصْفُهُ بِوَصْفِ الْمُؤَنَّثَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَحَسَّنَهُ هُنَا كَوْنُهَا فَاصِلَةً» .
الْإِمَامُ
الرَّازِيُّ : «فِي الْكُبْرَى وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمَا صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ . ثَانِيهِمَا : صِفَةٌ لِآيَاتِ رَبِّهِ ، فَيَكُونُ مَفْعُولُ رَأَى مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ : رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى آيَةً أَوْ شَيْئًا .
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ : «وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مِنْ» زَائِدَةً ، أَيْ رَأَى آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : آيَاتُ رَبِّهِ الْكُبْرَى هِيَ أَنَّهُ رَأَى
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ» .
قَالَ
الْإِمَامُ : «وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ غَيْرُ تِلْكَ لِأَنَّ
جِبْرِيلَ وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا لَكِنْ وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً أَعْظَمَ مِنْهُ . وَالْكُبْرَى تَأْنِيثُ الْأَكْبَرِ ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ : رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ آيَاتٍ هِيَ أَكْبَرُ الْآيَاتِ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : «رَأَى
جِبْرِيلُ فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» .
[ ص: 54 ]
قَالَ
الْحَافِظُ : «وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ يُعْرَفُ الْمُرَادُ بِالرَّفْرَفِ وَأَنَّهُ حُلَّةٌ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=76مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ [الرَّحْمَنُ : 76] . وَأَصْلُ الرَّفْرَفِ مَا كَانَ مِنَ الدِّيبَاجِ رَقِيقًا حَسَنَ الصِّفَةِ . ثُمَّ اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي السَّتْرِ ، وَكُلُّ مَا فَضَلَ مِنْ شَيْءٍ وَعُطِفَ وَثُنِّيَ فَهُوَ رَفْرَفٌ» .
nindex.php?page=showalam&ids=11963الْقُرْطُبِيُّ : «هُوَ مَا رَأَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي مَسْرَاهُ فِي عَوْدِهِ وَبَدْئِهِ وَهَذَا أَحْسَنُ» .
قَالَ
الْإِمَامُ : «وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30639النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ اللَّهَ تَعَالَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا رَأَى آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ خِلَافٌ ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ قِصَّةَ الْمِعْرَاجِ هَا هُنَا بِرُؤْيَةِ الْآيَاتِ وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا [الْإِسْرَاءُ : 1] إِلَى أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا وَلَوْ كَانَ رَأَى رَبَّهُ لَكَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ مَا يُمْكِنُ ، فَكَانَتِ الْآيَةُ لِلرُّؤْيَةِ ، وَكَانَ أَكْبَرُ شَيْءٍ هُوَ الرُّؤْيَةُ» .
ابْنُ كَثِيرٍ : «وَبِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ لَمْ تَقَعْ لِأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=18لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى وَلَوْ كَانَ رَأَى رَبَّهُ لَأَخْبَرَ بِذَلِكَ ، وَلَقَالَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ» .
خَاتِمَةٌ : اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى قَسَمِهِ تَعَالَى عَلَى هِدَايَةِ نَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَنْزِيهِهِ عَنِ الْهَوَى وَصِدْقِهِ فِيمَا تَلَا ، وَأَنَّهُ وَحْيٌ يُوحَى ، يُوَصِّلُهُ إِلَيْهِ
جِبْرِيلٌ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ، وَاحْتَوَتْ أَيْضًا عَلَى تَزْكِيَةِ جُمْلَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِصْمَتِهِ مِنَ الِارْتِيَابِ فِي هَذَا الْمَسْرَى ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى فِيهَا عَنْ فَضِيلَتِهِ بِقِصَّةِ الْإِسْرَاءِ وَانْتِهَائِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، وَتَصْدِيقِ بَصَرِهِ فِيمَا رُوِيَ أَنَّهُ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى .
[ ص: 55 ]