التنبيه الثامن والثلاثون :
وقع في رواية شريك أيضا :
يا جبريل ما هذا؟ قال : هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ، «ثم مضى النبي صلى الله عليه وسلم في السماء الدنيا فإذا هو بنهر آخر عليه قصور من لؤلؤ وزبرجد ، فضرب يده فيه فإذا طينه مسك أذفر فقال :
وهذا مما استشكل في رواية شريك ، فإن الكوثر في الجنة وإن الجنة في السماء السابعة .
وقد روى عن طريق الإمام أحمد حميد الطويل عن رفعه : أنس ، جبريل : «هذا الكوثر الذي أعطاك الله تعالى» . «دخلت الجنة فإذا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي في مجرى مائه فإذا هو مسك أذفر» . فقال
وأصل هذا الحديث عند بنحوه ، وأخرجه في التفسير عن البخاري عن قتادة رضي الله عنه ، ولكن ليس فيه ذكر الجنة . ورواه أنس من طريق أبو داود سليمان التيمي عن ولفظه : «لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم عرض له في الجنة نهر» ، قال قتادة الحافظ : ويمكن أن يكون في هذا الموضوع شيء تقديره : ثم مضى به في السماء الدنيا إلى السماء [السابعة] فإذا هو بنهر ، قال تلميذه الحافظ قطب الدين الخيضري في الخصائص : «وهذا بعيد إذ بينه وبين السماء السابعة خمس سماوات أخرى وكل منها له صفة خلاف صفة الأخرى ولها أبواب وخدام غير الأخرى ، فإطلاق المسير إليها وذكرها بعد السادسة مما يبعده أيضا ، ولكن يقال من غير استبعاد : إن أصل النهر- الذي هو الكوثر- في الجنة ، وجعل الله تعالى منه فرعا في السماء الدنيا عجل لنبيه صلى الله عليه وسلم رؤيته استبشارا لأنها أول المراتب العلوية ، ويؤيد هذا قول جبريل : «خبأ لك ربك» . انتهى .