التنبيه الثاني والمائة :
قد علم مما سبق جواز وأن ذلك صحيح في حقه صلى الله عليه وسلم ، وغير صحيح بالنسبة لأمته لاستحالة النسخ قبل البلاغ إذ شرط التكليف تمكين المكلف من العلم به ، أي إذا لم يكن العلم به شرطا فإن نسخ التكليف قبل البلاغ يناقض ذلك . نسخ الفعل قبل التمكن من فعله ،
وقال «يصح النسخ في حق الأمة أيضا بأن الإسلام يوجب على كل مسلم الدخول في فروعه وفي شرائع الدين بتفصيلها ، وكل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته دخل في الإسلام . على أن هنالك تكاليف منها ما نزل وبين بكل وجه ، ومنها ما نزل مجملا من وجه ومبينا من وجه ، ومنها ما لم ينزل بعد وسينزل ، والإيمان والالتزام شامل للجميع . فكما يجوز نسخ التكليف بعد أن يبلغ بخصوصية يجوز أيضا قبله . وأكثر القواعد أن ما وجب مجملا ثم بين في وقت الحاجة كالصلاة والزكاة ، لم يقترن بأول وجوبها ذكر أعدادها ولا إعدادها ولا أوقاتها ولا هيئاتها ولا شرائطها ، بل للتكليف بها مستقر مع هذه الإجمالات ، لأن المكلف بالالتزام الأول قد دخل على التزامها على ما هي عليه في نفس الأمر . ابن دحية :
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الإسلام هو «أن تشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم شهر رمضان وتحج البيت» .
فنجز التكليف عليه بهذه القواعد مجملة غير مبينة» .