قال بعض أهل الإشارات : «لما تمكنت المحبة من قلب موسى عليه السلام أضاءت له أنوار نور الطور ليقتبس ، فاحتبس فلما نودي في النادي اشتاق إلى المنادي فكان يطوف في بني إسرائيل فيقول : من يحملني حتى أبلغ رسالة ربي ، ومراده أن تطول المناجاة مع الحبيب ، فلما مر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ردده في أمر الصلاة ليسعد برؤية حبيب الحبيب . وقال آخر : لما سأل موسى عليه السلام الرؤية ولم تحصل له البغية ، بقي الشوق يقلقه والأمل يعلله ، فلما محمدا صلى الله عليه وسلم منح الرؤية وفتح له باب المزية أكثر السؤال ليسعد برؤية من قد رأى ، كما قيل : تحقق أن سيدنا
وأستنشق الأرواح من نحو أرضكم لعلي أراكم أو أرى من يراكم وأنشد من لاقيت عنكم عساكم
تجودون لي بالعطف منكم عساكم فأنتم حياتي إن حييت وإن أمت
فيا حبذا إن مت عبد هواكم
وإنما السر في موسى يردده ، ليجتلي حسن ليلى حين يشهده
يبدو سناها على وجه الرسول فيا لله در رسول حين أشهده
[النجم : 10] ملء قلبه وأذنيه . فلما اجتاز بموسى عليه السلام قال لسان حاله لنبينا صلى الله عليه وسلم :
يا واردا من أهيل الحي يخبرني عن جيرتي شنف الأسماع بالخبر
ناشدتك الله يا راوي حديثهم حدث فقد ناب سمعي اليوم عن بصري
ولقد خلوت مع الحبيب وبينا سر أرق من النسيم إذا سرى
وأباح طرفي نظرة أملتها فغدوت معروفا وكنت منكرا