الباب الثاني في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم
قال الله سبحانه وتعالى : والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا [الأنفال : 74] وقال الله عز وجل : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [الحشر : 9] وقال تقدس اسمه : فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [الأنعام : 89] .
وعن غيلان بن جرير قال : «قلت أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟ قال : بل سمانا الله عز وجل» ، رواه لأنس : البخاري وعن والنسائي . رضي الله عنهما ، يرفعه : ابن عباس «إن الله أمدني بأشد الناس ألسنا وأذرعا ، بابني قيلة : الأوس والخزرج» ،
رواه في الكبير . وعن الطبراني قال : أبي واقد الليثي عامر بن الطفيل يتهددني فكفانيه الله بالبيتين من ولد إسماعيل بابني قيلة» ، كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه آت فالتقم أذنه فتغير وجهه وسار الدم في أساريره ، ثم قال : «هذا رسول
يعني الأنصار ، رواه في الكبير والأوسط . الطبراني
وعن رضي الله عنه قال : أنس
حسبت أنه قال : من عرس فقام النبي صلى الله عليه وسلم ممثلا ، فقال : «اللهم أنتم من أحب الناس إلي» ، قالها ثلاث مرات . رواه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين قال : البخاري .
وعنه أيضا قال : رواه الشيخان جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها صبي لها فكلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي» ، مرتين ، والنسائي .
وعن رضي الله عنه يرفعه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : البراء بن عازب فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله» ، «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق رواه الستة خلا أبي داود .
وعن رضي الله عنه يرفعه : أنس رواه الشيخان «آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار» . والنسائي .
وعن رضي الله عنه أنس المدينة فإذا بجوار يضربن بدفين ويتغنين ويقلن : نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم تعلم أني لأحبكن» ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر ببعض سكك
حديث صحيح رواه وعن ابن ماجة ، يرفعه : سعد بن عبادة رواه الإمام «إن هذا الحي من الأنصار محنة : حبهم [ ص: 184 ] إيمان وبغضهم نفاق» ، أحمد .
وعن يرفعه : أبي سعيد الخدري رواه الإمام «حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق» ، أحمد .
وعنه ، رواه الإمام «لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر» ، أحمد .
وعنه أيضا يرفعه : رواه الإمام «من أحبني أحب الأنصار ، ومن أبغضني فقد أبغض الأنصار ، لا يحبهم منافق ولا يبغضهم مؤمن ، من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله ، الناس دثار والأنصار شعار ، ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار» أحمد .
وعن جدة رباح بن عبد الرحمن بن حويطب يرفعه : رواه «لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار» ، الترمذي دون ذكر الأنصار فيه ، وابن ماجة
وقال عن الترمذي إنه قال : البخاري
هذا أحسن حديث في هذا الباب .
وعن علي بن سبرة عن أبيه عن جده يرفعه : رواه «أيها الناس لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولم يؤمن بالله من لم يؤمن بي ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار» ، في معجمه البغوي في الأوسط . والطبراني
وعن الحارث بن زياد يرفعه : رواه الإمام «من أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله» أحمد .
وعنه أيضا يرفعه : رواه الإمام «والذي نفسي بيده لا يحب رجل الأنصار حتى يلقى الله إلا لقي الله وهو يحبه ، ولا يبغض رجل الأنصار حتى يلقى الله إلا لقي الله وهو يبغضه» ، أحمد والطبراني
وسنده صحيح . وعن رضي الله عنه قال : أنس افتخر الحيان من الأنصار : الأوس والخزرج ، فقالت الأوس : «منا غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر الراهب ، ومنا من اهتز له عرش الرحمن ، ومنا من حمته الدبر ، سعد بن معاذ ، عاصم بن ثابت بن أبي [ ص: 185 ] الأقلح ، ومنا من أجيزت شهادته بشهادة رجلين ، فقال الخزرجيون : منا أربعة نفر جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمعه غيرهم : خزيمة بن ثابت . زيد بن ثابت ، وأبو زيد ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل» ، حديث رواه أبو يعلى والبزار ، في الكبير ، وفي الصحيح منه الذين جمعوا القرآن . والطبراني
وعن معاوية بن أبي سفيان يرفعانه : وأبي هريرة «من أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله» ،
رواه وهو حديث حسن صحيح رواه أبو يعلى ، عن البزار أبي هريرة عن والطبراني وله طريق آخر عند معاوية ، عن الطبراني يرفعه : معاوية حديث صحيح . «من أحب الأنصار فبحبي أحبهم ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم » ،
وعن رضي الله عنه قال : أنس مكة وأعطى قريشا : «والله إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دماء قريش وغنائمنا ترد عليهم» . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الأنصار ، قال : فقال : «ما الذي بلغني عنكم؟» وكانوا لا يكذبون ، فقالوا : «هو الذي بلغك» . قال : «أو لا ترضون أن يرجع الناس بالغنائم إلى بيوتهم وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم ، لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم» . رواه الشيخان قالت الأنصار يوم فتح والنسائي ،
وهو عند أيضا من حديث البخاري وفي آخره : أبي هريرة ، وعند «ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار» . بعد الشعب : النسائي حديث صحيح رواه الإمام «اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار» ، فبكى الأنصار حتى اخضلت لحاهم ، وقالوا : «رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسما وحظا» ، وعن أحمد . يرفعه : أبي هريرة رواه «لولا الهجرة لكنت امرأ أنصاريا» ، وحسنه . الترمذي
وعن أبي قتادة يرفعه : وأشار إلى نفسه ، حديث صحيح رواه الإمام «ألا إن الناس دثار والأنصار شعار ، ولو سلك الناس وسلك الأنصار شعبا لاتبعت شعب الأنصار ، ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، فمن ولي من أمر الأنصار شيئا فليحسن إلى محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم ، من أفزعهم فقد أفزع هذا الذي بين هذين» ، أحمد وزاد في آخره : يعني قلبه . وعن [ ص: 186 ] والطبراني ، السائب بن يزيد
قالت الأنصار : يا رسول الله وجدتنا في ظلمة فأخرجنا الله بك ، ووجدتنا على شفا حفرة من النار فأيدنا الله بك ، ووجدتنا ضلالا فهدانا الله بك ، فرضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فاصنع يا رسول الله ما شئت في أوسع الحل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لو أجبتموني بغير هذا القول لقلت صدقتم ، لو قلتم : ألم تأتنا طريدا فآويناك ، ومكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وقبلنا ما رد الناس عليك؟ لو قلتم هذا لصدقتم» . فقالت الأنصار : «بل الله ذو الفضل علينا وعلى غيرنا» . ثم بكوا فكثر بكاؤهم وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم . رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم الفيء الذي أفاء الله تعالى بحنين من غنائم هوازن ، فأحسن ، فذكر الحديث وفيه : ثم قال : «يا معشر الأنصار ألم يمن الله عليكم بالإيمان وخصكم بالكرامة وسماكم بأحسن الأسماء : أنصار الله وأنصار رسوله؟ ولولا الهجرة لكنت امرأ أنصاريا ولو سلك الناس واديا وسلكتم واديا لسلكت واديكم ، أو لا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والنعم وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم»؟ قالوا : قد رضينا . قال : «أجيبوني فيما قلت» . في الكبير . الطبراني
وعن رضي الله عنهما قال : ابن عباس رواه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متعطفا بما على منكبيه وعليه عصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : «أما بعد أيها الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام . فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم» . البخاري .
وعن رضي الله عنه يرفعه : أنس رواه «الأنصار كرشي وعيبتي والناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» ، البخاري .
وعن أيضا ، أنس أبو بكر رضي الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال : ما يبكيكم؟ قالوا ، ذكرنا مجلس النبي صلى الله عليه وسلم منا ، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك . قال : فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد ، قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : والعباس وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» ، «أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي رواه الشيخان مر والنسائي والترمذي .
وعن يرفعه : أسيد بن حضير حديث صحيح رواه «الأنصار كرشي وعيبتي وإن الناس يكثرون وهم يقلون ، [ ص: 187 ] فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» ، في الكبير . الطبراني
وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنهما ، يرفعه : رواه «اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» ، يعني الأنصار ، البزار وهو حديث حسن . والطبراني
وعن يرفعه : أبي سعيد حديث صحيح حسن رواه «ألا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي وإن كرشي الأنصار فاعفوا عن مسيئهم واقبلوا من محسنهم» ، الترمذي .
وعن عن رجل من الصحابة قال : كعب بن مالك رواه الإمام «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه واستغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد ثم قال : «إنكم يا معشر المهاجرين تزيدون وإن الأنصار لا يزيدون ، وإن الأنصار عيبتي التي آوي إليها ، أكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم ، وإنهم قد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم» ، عن أحمد عبد الله بن زيد بن عاصم
في ذكر قسم غنائم هوازن في المؤلفة قلوبهم ، وفي آخره :
رواه الشيخان . «إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» ،
وعن يرفعه : أبي طلحة حديث حسن صحيح ، رواه «أقرئ قومك السلام فإنهم ما علمت أعفة صبر» ، الترمذي والبزار .
وعن رضي الله عنها ترفعه : عائشة رواه الإمام «ما يضر امرأة نزلت بين بيتين من الأنصار أو نزلت بين أبويها» ، أحمد ، والبزار .
وعن رضي الله عنه يرفعه : أبي هريرة حديث حسن رواه «أسلمت الملائكة طوعا ، وأسلمت الأنصار طوعا وأسلمت عبد القيس طوعا» في الأوسط . الطبراني
وعن رضي الله عنه يرفعه : أنس رواه «ألا إن لكل نبي تركة وضيعة ، وإن تركتي وضيعتي الأنصار فاحفظوني فيهم» ، في الأوسط . الطبراني
وعنه يرفعه : «الأنصار أحبائي ، وفي الدين إخواني وعلى الأعداء أعواني» ، غريب رواه الديلمي في مسند الفردوس .
تنبيه في غريب ما سبق «ألسنا» جمع لسان .
«قيلة» بفتح القاف وسكون المثناة التحتية ، أم الأوس والخزرج . [ ص: 188 ]
«التقم أذنه» أي ساره بشيء .
«الأسارير» : خطوط الجبهة واحدها سر أو سرر والجمع أسرار ، وأسارير جمع الجمع ، وفي تكملة الصغاني عن بعض أهل اللغة هي الخدان والوجنتان ومحاسن الوجه .
وفي تكملة الصغاني عن بعض أهل اللغة هي الخدان والوجنتان ومحاسن الوجه .
«إزائي» بالزاي أي حذائي أي بالقرب مني .
«السكك» جمع سكة بالكسر الزقاق .
«الدثار» بالكسر والمثلثة ما يتدثر به الإنسان ، وهو ما يلقيه عليه من كساء وغيره فوق الشعار .
«الشعار» : ما ولي الجسد ، سمي بذلك لأنه يلي الشعر ، المعنى أنهم الخاصة والبطانة .
«الشعب» : بالكسر الطريق في الجبل .
«الدبر» : بفتح الدال المهملة وسكون الموحدة يقال لجماعة النحل والزنابير أيضا قيل وهو المراد هنا .
«الأقلح» : بالقاف والمهملة .
«قسما» : بكسر القاف أي نصيبا .
«طريدا» : أي مخرجا من بلده .
«الملحفة» : بكسر الميم الملاءة التي يلتحف بها .
«متعطفا بها» : أي ثانيا طرفي الملحفة على كتفيه .
«دسماء» : أي سوداء .
«الكرش» : ككتف ويخفف ، والمراد هنا ما يحفظ فيه نفيس المتاع .
«العيبة» من الرجل موضع سره وأمانته .
«أثرة» : بفتح الهمزة والمثلثة الاسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى أراد أن يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفيء .
«أعفة» جمع عفيف وهو من يكف عما لا يحل ولا يجمل .
«صبر» : بضم أوله وثانيه جمع صبير وهو هنا مقدم القوم .
«التركة» : الشيء المتروك أي الذي تركه الميت لوارثه .
«الضيعة» : بالفتح العقار . [ ص: 189 ]