[ ص: 675 ] ثم دخلت سنة إحدى ومائة
فيها كان يزيد بن المهلب من السجن حين بلغه مرض عمر بن عبد العزيز فواعد غلمانه يلقونه بالخيل في بعض الأماكن وقيل : بإبل له . ثم نزل من محبسه ومعه جماعة وامرأته عاتكة بنت الفرات العامرية فلما جاءه غلمانه ركب رواحله وسار ، وكتب إلى هرب عمر بن عبد العزيز إني والله ما خرجت من سجنك إلا حين بلغني مرضك ولو رجوت حياتك ما خرجت ولكني خشيت من فإنه يتوعدني بالقتل . وكان يزيد بن عبد الملك; يقول : لئن وليت لأقطعن من يزيد بن عبد الملك يزيد بن المهلب طائفة . وذلك أنه لما ولي العراق عاقب أصهاره آل أبي عقيل ، وهم بيت وكان الحجاج بن يوسف الثقفي مزوجا ببنت يزيد بن عبد الملك محمد بن يوسف أخي الحجاج ، وله منها ابنه الوليد بن يزيد الفاسق المقتول ، كما سيأتي . ولما بلغ عمر بن عبد العزيز أن يزيد بن المهلب هرب من السجن قال : اللهم إن كان يريد بهذه الأمة سوءا فاكفهم شره ، واردد كيده في نحره .
ثم لم يزل المرض يتزايد حتى مات وهو بعمر بن عبد العزيز بخناصرة من دير سمعان بين حماة وحلب في يوم الجمعة . وقيل : في يوم الأربعاء لخمس بقين من رجب من هذه السنة أعني سنة إحدى ومائة عن تسع وثلاثين [ ص: 676 ] سنة وأشهر . وقيل : إنه جاوز الأربعين بأشهر . فالله أعلم .
وكانت خلافته فيما ذكر غير واحد سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام ، وكان حكما مقسطا وإماما عادلا ورعا دينا ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، رحمه الله تعالى .