وممن توفي فيها من المشاهير والأعيان : 
بشر المريسي    . 
وهو  بشر بن غياث بن أبي كريمة ، أبو عبد الرحمن المريسي   [ ص: 234 ] المتكلم شيخ المعتزلة ،  وأحد من أضل المأمون  وقد كان هذا الرجل ينظر أولا في شيء من الفقه ، وأخذ عن القاضي أبي يوسف ،  وروى الحديث عنه ، وعن حماد بن سلمة   وسفيان بن عيينة  وغيرهم ، ثم غلب عليه علم الكلام ، وقد نهاه  الشافعي  عن تعلمه وتعاطيه فلم يقبل منه ، وقال  الشافعي    : لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك بالله أحب إلي من أن يلقاه بعلم الكلام   . وقد اجتمع بشر   بالشافعي  عندما قدم  الشافعي  بغداد    . 
وقال القاضي ابن خلكان    : جرد القول بخلق القرآن ، وحكي عنه أقوال شنيعة ، وكان مرجئيا ، وإليه تنسب المريسية  من المرجئة ،  وكان يقول : إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر ، وإنما هو علامة الكفر ، وكان يناظر الإمام  الشافعي ،  وكان لا يحسن النحو ، وكان يلحن لحنا فاحشا ، ويقال : إن أباه كان يهوديا صباغا بالكوفة    . وكان يسكن درب المريس  ببغداد ،  والمريس عندهم هو الخبز الرقاق يمرس بالسمن والتمر . قال : ومريس  ناحية ببلاد النوبة  تهب عليها في الشتاء ريح باردة . قلت : ثم راج بشر المريسي  عند المأمون  وحظي   [ ص: 235 ] عنده ، وقدم في حضرته ، ونفق سوقه الكاسد ، واستجيد ذهنه البارد . 
ولما توفي في ذي الحجة من هذا العام أو الذي قبله في قول - صلى عليه رجل من المحدثين يقال له : عبيد الشونيزي    . فلامه بعض المحدثين ، فقال لهم : ألا تسمعون كيف دعوت له في صلاتي ؟ قلت : اللهم إن عبدك هذا كان ينكر عذاب القبر ، اللهم فأذقه من عذاب القبر ، وكان ينكر شفاعة نبيك فلا تجعله من أهلها ، وكان ينكر رؤيتك في الدار الآخرة فاحجب وجهك الكريم عنه . فقالوا له : أصبت . وهذا الذي نطق به بعض السلف حيث قالوا : من كذب بكرامة لم ينلها . 
وفي هذا العام توفي : 
عبد الله بن يوسف التنيسي    . 
 وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي    . 
 ويحيى بن عبد الله البابلتي    . 
وأبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري . 
 راوي   [ ص: 236 ] السيرة عن  زياد بن عبد الله البكائي ،  عن محمد بن إسحاق  مصنفها ، وإنما تنسب إليه فيقال : سيرة ابن هشام  لأنه هذبها وزاد فيها ونقص منها ، وحرر أماكن ، واستدرك أشياء . 
وكان إماما في اللغة والنحو ، وكان مقيما بمصر ،  وقد اجتمع به  الشافعي  حين وردها ، وتناشدا من أشعار العرب شيئا كثيرا . 
وكانت وفاته بمصر  لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة ، قاله ابن يونس  في " " تاريخ مصر    " " . وزعم السهيلي  أنه توفي في سنة ثلاث عشرة كما تقدم فالله أعلم . 
				
						
						
