الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 337 ] ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها خرج محمد بن البعيث بن الجليس عن الطاعة في بلاده من أذربيجان وأظهر أن المتوكل قد مات ، والتف عليه جماعة من أهل تلك الرساتيق ، ولجأ إلى مدينة مرند فحصنها ، وجاءته البعوث من كل جانب ، وأرسل إليه المتوكل جيوشا يتبع بعضها بعضا ، فنصبوا على بلده المجانيق من كل جانب ، وحاصروه محاصرة عظيمة جدا ، وقاتلهم مقاتلة هائلة ، وصبر هو وأصحابه صبرا بليغا ، وقدم بغا الشرابي لمحاصرته ، فلم يزل به حتى أسره ، واستباح أمواله وحرمه ، وقتل خلقا من رءوس أصحابه ، وأسر سائرهم ، وانحسمت مادة ابن البعيث ، ولله الحمد . وفي جمادى الأولى منها خرج المتوكل إلى المدائن .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها حج إيتاخ أحد الأمراء الكبار ، وهو والي مكة والمدينة والموسم ، ودعي له على المنابر ، وقد كان إيتاخ هذا غلاما خزريا ، [ ص: 338 ] طباخا لرجل يقال له : سلام الأبرش فاشتراه منه المعتصم في سنة تسع وتسعين ومائة ، فرفع منزلته ، وحظي عنده ، وكذلك الواثق من بعد أبيه ، ضم إليه أعمالا كثيرة ، وكذلك عامله المتوكل على الله أيضا وذلك لرجلة إيتاخ وشهامته ونهضته ، ولما كان في هذه السنة شرب ليلة مع المتوكل فعربد عليه المتوكل فهم إيتاخ بقتله ، فلما كان الصباح اعتذر المتوكل إليه ، وقال له : أنت أبي وأنت ربيتني ثم دس إليه من يشير عليه بأن يستأذن للحج ، فاستأذن فأذن له ، وأمره على كل بلدة يحل بها ، وخرج القواد في خدمته إلى طريق الحج حين خرج ، وولى المتوكل الحجابة لوصيف الخادم عوضا عن إيتاخ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس فيها محمد بن داود أمير مكة وهو أمير الحجيج من سنين متقدمة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية