[ ص: 598 ] ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين
فيها عزل الخليفة عمرو بن الليث عن ولاية خراسان وأمر بلعنه على المنابر ، وفوض أمر خراسان إلى محمد بن طاهر ، وبعث جيشا إلى عمرو بن الليث فهزم عمرو .
وفيها كانت أبي العباس المعتضد ابن الموفق أبي أحمد وبين خمارويه بن أحمد بن طولون ; وذلك أن وقعة بين خمارويه لما ملك بعد أبيه بلاد مصر والشام جاءه جيش من جهة الخليفة ، عليهم إسحاق بن كنداج نائب الجزيرة وابن أبي الساج فقاتلوه بأرض شيرز ، فامتنع من تسليم الشام إليهم ، فاستنجدوا بأبي العباس ابن الموفق ، فقدم إليهم فكسر جيش وتسلم خمارويه بن أحمد ، دمشق واحتازها ، ثم سار نحو خمارويه إلى بلاد الرملة عند ماء عليه طواحين ، فاقتتلوا هنالك ، فبذلك تسمى هذه وقعة الطواحين ، ثم كانت النوبة أولا لأبي العباس على خمارويه ، فهزمه حتى هرب خمارويه ، لا يلوي على شيء ، فلم يرجع حتى دخل الديار المصرية ، فأقبل أبو العباس وأصحابه على نهب معسكرهم ، فبينما هم كذلك إذ أقبل كمين لجيش خمارويه وهم مشغولون بالغنيمة فوضعت المصريون فيهم السيوف ، فقتل خلق كثير ، وانهزم [ ص: 599 ] الجيش ، وهرب أبو العباس المعتضد ، فلم يرجع حتى وصل إلى دمشق فلم يفتح له أهلها بابها ، فانصرف حتى وصل إلى طرسوس وبقي الجيشان المصري والعراقي يقتتلان ، وليس في واحد منهما أمير . ثم كان الظفر للمصريين ; لأنهم أقاموا أبا العشائر أخا خمارويه عليهم أميرا ، فغلبوا بسبب ذلك ، واستقرت أيديهم على دمشق وسائر الشام وهذه من أعجب الوقعات .
وفيها جرت حروب كثيرة بأرض الأندلس من بلاد المغرب .
وفيها دخل إلى المدينة النبوية محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فقتلا خلقا كثيرا من أهلها ، وأخذا أموالا جزيلة ، وتعطلت الصلوات في المسجد النبوي أربع جمع لم يحضر الناس فيها جمعة ولا جماعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وجرت بمكة فتنة أخرى واقتتل الناس على باب المسجد الحرام أيضا .
وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق العباسي .