الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 598 ] ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها عزل الخليفة عمرو بن الليث عن ولاية خراسان وأمر بلعنه على المنابر ، وفوض أمر خراسان إلى محمد بن طاهر ، وبعث جيشا إلى عمرو بن الليث فهزم عمرو .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وقعة بين أبي العباس المعتضد ابن الموفق أبي أحمد وبين خمارويه بن أحمد بن طولون ; وذلك أن خمارويه لما ملك بعد أبيه بلاد مصر والشام جاءه جيش من جهة الخليفة ، عليهم إسحاق بن كنداج نائب الجزيرة وابن أبي الساج فقاتلوه بأرض شيرز ، فامتنع من تسليم الشام إليهم ، فاستنجدوا بأبي العباس ابن الموفق ، فقدم إليهم فكسر جيش خمارويه بن أحمد ، وتسلم دمشق واحتازها ، ثم سار نحو خمارويه إلى بلاد الرملة عند ماء عليه طواحين ، فاقتتلوا هنالك ، فبذلك تسمى هذه وقعة الطواحين ، ثم كانت النوبة أولا لأبي العباس على خمارويه ، فهزمه حتى هرب خمارويه ، لا يلوي على شيء ، فلم يرجع حتى دخل الديار المصرية ، فأقبل أبو العباس وأصحابه على نهب معسكرهم ، فبينما هم كذلك إذ أقبل كمين لجيش خمارويه وهم مشغولون بالغنيمة فوضعت المصريون فيهم السيوف ، فقتل خلق كثير ، وانهزم [ ص: 599 ] الجيش ، وهرب أبو العباس المعتضد ، فلم يرجع حتى وصل إلى دمشق فلم يفتح له أهلها بابها ، فانصرف حتى وصل إلى طرسوس وبقي الجيشان المصري والعراقي يقتتلان ، وليس في واحد منهما أمير . ثم كان الظفر للمصريين ; لأنهم أقاموا أبا العشائر أخا خمارويه عليهم أميرا ، فغلبوا بسبب ذلك ، واستقرت أيديهم على دمشق وسائر الشام وهذه من أعجب الوقعات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها جرت حروب كثيرة بأرض الأندلس من بلاد المغرب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها دخل إلى المدينة النبوية محمد وعلي ابنا الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فقتلا خلقا كثيرا من أهلها ، وأخذا أموالا جزيلة ، وتعطلت الصلوات في المسجد النبوي أربع جمع لم يحضر الناس فيها جمعة ولا جماعة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وجرت بمكة فتنة أخرى واقتتل الناس على باب المسجد الحرام أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق العباسي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية