ذكر ببغداد بناء دار الخلافة
أول من بناها المعتضد في هذه السنة وكان إلى آخر دولتهم وكانت أولا دارا أول من سكنها من الخلفاء للحسن بن سهل تعرف بالقصر الحسني ثم صارت بعد ذلك لابنته بوران التي تزوج بها المأمون فعمرت فيها حتى استنزلها المعتضد عنها فأجابته إلى ذلك ثم أصلحت ما وهى منها ورممت ما كان قد شعث فيها وفرشت في كل موضع منها ما يليق به من المفارش ، وأسكنت فيه ما يليق به من الجواري والخدم وأعدت بها المآكل الشهية وما يحسن ادخاره في ذلك الزمان ثم أرسلت بمفاتيحها إلى المعتضد ، فلما دخلها أذهله ما رأى فيها من الخيرات ثم وسعها وزاد فيها وجعل لها سورا حولها وكانت قدر مدينة [ ص: 652 ] شيراز وبنى الميدان ثم بنى قصرا مشرفا على دجلة ، ثم بنى المكتفي التاج ، ثم كانت أيام المقتدر فزاد فيها زيادات عظيمة جدا ، وتأخرت آثارها إلى أيام التتار الذين خربوا بغداد وسبوا من كان بها من الحرائر الآمنات ، كما سيأتي بيانه في موضعه من سنة ست وخمسين وستمائة . قال الخطيب : والذي يشبه أن تكون بوران سلمت دار الخلافة إلى المعتمد ، فإنها لم تعش إلى أيام المعتضد .
وفيها أردبيل ست مرات فتهدمت دورها ولم يبق منها مائة دار ومات تحت الردم مائة ألف وخمسون ألفا فإنا لله وإنا إليه راجعون . زلزلت
وفيها ببلاد غارت المياه الري وطبرستان حتى بيع الماء كل ثلاثة أرطال بدرهم ، وغلت الأسعار هنالك جدا .
وفيها غزا إسماعيل بن أحمد الساماني بلاد الترك ففتح مدينة ملكهم وأسر امرأته الخاتون وأباه ونحوا من عشرة آلاف أسير وغنم من الدواب والأمتعة والأموال شيئا كثيرا ، أصاب الفارس ألف درهم ، وحج بالناس في هذه السنة أبو بكر محمد بن هارون بن إسحاق العباسي .