[ ص: 719 ] سنة تسعين ومائتين من الهجرة النبوية
فيها أقبل يحيى بن زكرويه بن مهرويه أبو قاسم القرمطي المعروف بالشيخ في جحافل عظيمة من ، القرامطة فعاث بناحية الرقة فسادا فجهز إليه الخليفة جيشا كثيفا في نحو عشرة آلاف فارس .
وفيها ركب الخليفة المكتفي من بغداد إلى سامرا يريد الإقامة بها فثنى رأيه عن ذلك الوزير القاسم بن عبيد الله ، ورجع إلى بغداد .
وفيها قتل يحيى بن زكرويه بن مهرويه على باب دمشق قتله جيش المصريين زرقه رجل من المغاربة بمزراق من نار فحرقه ، وذلك بعدما كان قتل خلقا كثيرا من جيشها من أصحاب طغج بن جف نائبها ، ثم من الله على الناس بقتله ، ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا ، فقام بأمر القرامطة من بعده أخوه الحسين ، وتسمى بأحمد وتكنى بأبي العباس وتلقب بأمير المؤمنين وأطاعته القرامطة ، كما كانوا يطيعون أخاه ، فحاصر دمشق فصالحه أهلها على مال ثم سار إلى حمص فافتتحها وخطب له على منابرها ثم سار إلى حماة ومعرة النعمان فقهر أهل تلك النواحي واستباح أموالهم وحريمهم وكان يقتل الدواب والصبيان في المكاتب ويبيح لمن معه وطء النساء ، فربما وطئ الواحدة [ ص: 720 ] الجماعة الكثيرة من الرجال فإذا ولدت ولدا هنأ به كل واحد منهم الآخر فكتب أهل الشام إلى الخليفة يشكون إليه ما يلقون من هذا اللعين فجهز المكتفي جيوشا كثيفة وأنفق أموالا جزيلة لحربه ، وركب في رمضان فنزل الرقة وبث الجيوش في كل جانب لقتال القرمطي وكان القرمطي يكتب إلى أصحابه :
من عبد الله أحمد بن عبد الله المهدي المنصور بالله الناصر لدين الله القائم بأمر الله الحاكم بحكم الله الداعي إلى كتاب الله الذاب عن حريم الله المختار من ولد رسول الله . وكان يدعي أنه من سلالة علي بن أبي طالب من فاطمة وهو كاذب أفاك أثيم قبحه الله ، فإنه كان من أشد الناس عداوة لقريش ثم لبني هاشم ، ثم دخل سلمية فلم يدع بها أحدا من بني هاشم حتى قتله وقتل أولاده واستباح نساءه .
وفيها ولي ثغر طرسوس أبو العشائر أحمد بن نصر عوضا عن مظفر بن حاج ; لشكوى أهل الثغر منه .
وحج بالناس الفضل بن محمد العباسي .