القاضي الحنفي أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن أبي سنان أبو جعفر التنوخي ، العدل الثقة الرضي ، وكان فقيها ثقة نبيلا ، سمع الحديث الكثير ، وروى عن أبي كريب حديثا واحدا ، وكان عالما بالنحو ، فصيح العبارة ، جيد الشعر ، محمودا في الأحكام . اتفق أن السيدة أم المقتدر وقفت وقفا ، وجعل الحاكم هذا عنده نسخة به في سلة الحكم ، ثم أرادت أن تنقض ذلك الوقف ، فطلبت الحاكم وأن يحضر معه كتاب الوقف ، لتأخذه منه فتعدمه ، فلما حضر من وراء الستارة ، فهم المقصود ، فقال لها : لا يمكن هذا ; لأني خازن المسلمين ، فإما أن تعزلوني عن القضاء وتولوا على هذا غيري ، وإما أن تتركوا هذا الذي تريدونه ، فلا سبيل إليه وأنا حاكم . فشكته إلى ولدها المقتدر ، فشفع عنده المقتدر في ذلك ، فذكر له صورة الحال فرجع إلى أمه فقال لها : إن هذا الرجل ممن يرغب فيه ، ولا سبيل إلى عزله ولا التلاعب به . فرضيت عنه ، وبعثت تشكره على ما صنع من ذلك ، فقال : من قدم أمر الله على [ ص: 51 ] أمر العباد كفاه الله شرهم . وقد كانت وفاته في هذه السنة ، وقد جاوز الثمانين .
يحيى بن محمد بن صاعد أبو محمد
مولى أبي جعفر المنصور ، رحل في طلب الحديث ، وكتب وسمع وحفظ ، وكان من كبار الحفاظ وشيوخ الرواية ، وكتب عنه جماعة من الأكابر ، وله تصانيف تدل على حفظه وفقهه وفهمه ، وكانت وفاته بالكوفة في هذه السنة ، وله تسعون سنة .
الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد
المعروف بابن العلاف ، الضرير النهرواني ، الشاعر المشهور ، وكان أحد سمار الخليفة المعتضد بالله ، وله مرثاة طنانة في هر له قتله جيرانه ; لأكله أفراخ الحمام من أبراجهم ، وفيها آداب ورقة ، ويقال : إنه أراد بها رثاء ابن المعتز لكنه لم يتجاسر أن ينسبها إليه من الخليفة المقتدر بالله حين قتله ، وأولها :
يا هر فارقتنا ولم تعد وكنت عندي بمنزل الولد
وهي خمسة وستون بيتا .