[ ص: 482 ] ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلاثمائة  
في هذه السنة ، قصد محمود بن سبكتكين  بلاد خراسان  فاستلب ملكها من أيدي السامانية  ، وواقعهم مرات متعددة في هذه السنة وما قبلها ، حتى أزال اسمهم ورسمهم عن البلاد بالكلية ، وانقرضت دولتهم على يديه ثم صمد لقتالهم إيلك ملك الترك  بما وراء النهر    - وذلك بعد موت الخان الكبير الذي يقال له : فائق    - وجرت له معهم حروب وخطوب . 
وفيها استولى بهاء الدولة  على بلاد فارس  وخوزستان    . 
وفيها أرادت الشيعة  أن تعمل ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم   وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين للسنة ، فادعوا أن في مثل هذا اليوم حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر  رضي الله عنه في الغار ، فامتنعوا من ذلك ، وهذا أيضا جهل من هؤلاء ، فإن هذا إنما كان في أوائل شهر ربيع الأول من أول سني الهجرة ، فإنهما أقاما فيه ثلاثا ، وحين خرجا منه قصدا المدينة  فدخلاها بعد ثمانية أيام أو نحوها ، وكان دخولهما المدينة  في   [ ص: 483 ] اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أمر معلوم مقرر ، ولما كانت الشيعة  يصنعون في يوم عاشوراء مأتما يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي  قابلتهم طائفة أخرى من جهلة أهل السنة ، فادعوا أن في اليوم الثامن عشر من المحرم ، قتل مصعب بن الزبير  فعملوا له مأتما كما تعمل الشيعة  للحسين  ، وزاروا قبره كما يزار قبر الحسين  ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها ، ولا يرفع البدعة إلا السنة الصحيحة ، وبالله التوفيق . 
وفيها وقع برد شديد مع غيم مطبق وريح قوية جدا ، بحيث أتلفت شيئا كثيرا من النخيل ببغداد  ، فلم يتراجع حملها إلى عادتها إلا بعد سنين . 
وحج بركب العراق  الشريفان الرضي  والمرتضي  ، فاعتقلهما أمير الأعراب  ابن الجراح  ، فافتديا منه بتسعة آلاف دينار من أموالهما فأطلقهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					