[ ص: 496 ] ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين وثلاثمائة
في المحرم منها يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند ، فصمد ملكها له غزا جيبال في جيش عظيم ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ففتح الله للمسلمين ، وانهزمت الهنود ، وأسر ملكهم جيبال ، وأخذ من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار ، وغنم المسلمون منهم أموالا عظيمة ، وفتحوا بلادا كثيرة ، ثم أطلق محمود ملك الهند ; احتقارا له واستهانة به ، ليراه أهل مملكته في لباس المذلة ، فحين وصل جيبال - لعنه الله - إلى بلاده ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله فاحترق ، لعنه الله .
وفي ربيع الآخر منها ثارت العوام على النصارى ببغداد ، فنهبوا كنيستهم التي بقطيعة الرقيق وأحرقوها ، فسقطت على خلق فماتوا ، وفيهم جماعة من المسلمين ; رجال ونساء وصبيان . وفي رمضان منها قوي أمر العيارين ، وكثرت العملات والنهب ببغداد ، وانتشرت الفتنة .
قال : وفي ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة انقض كوكب أضاء [ ص: 497 ] كضوء القمر ليلة التمام ، ومضى الشعاع وبقي جرمه يتموج نحو ذراعين في ذراع برأي العين ، ثم توارى بعد ساعة . ابن الجوزي
وفي هذا الشهر قدم الحجاج من خراسان إلى بغداد ليسيروا إلى الحجاز ، فبلغهم عيث الأعراب بالفساد ، وأنه لا قاهر لهم ولا ناظر ينظر في أمورهم ، فرجعوا إلى بلادهم ، ولم يحج من بلاد المشرق أحد في هذه السنة .
وفي يوم عرفة ولد لبهاء الدولة ابنان توأمان ، فمات أحدهما بعد سبع سنين ، وبقي الآخر حتى قام بالأمر من بعد أبيه ، ولقب مشرف الدولة وحج المصريون فيها بالناس .