[ ص: 573 ] ثم دخلت
فيها وقعت فتنة عظيمة بين السنة والروافض ببغداد ، فقتل خلق كثير من الفريقين . سنة ثمان وأربعمائة
وفيها ملك أبو المظفر أرسلان خان بلاد ما وراء النهر وغيرها . وتلقب بشرف الدولة ، وذلك بعد وفاة أخيه طغان خان ، وقد كان دينا فاضلا ، يحب أهل العلم والدين ، وقد غزا طغان خان هذا الترك مرة ، فقتل منهم مائتي ألف مقاتل ، وأسر منهم مائة ألف ، وغنم من أواني الذهب والفضة وأواني الصين شيئا لم يعهد لأحد مثله ، فلما مات ظهرت ملوك الترك في البلاد الشرقية .
وفي جمادى الأولى منها ولي أبو الحسين أحمد بن مهذب الدولة أبي الحسن علي بن نصر بلاد البطائح بعد أبيه ، فقاتله ابن عمته ، فغلبه عليها ، وضربه حتى قتله ، ثم لم تطل مدته فيها حتى قتل ، ثم آلت بعد ذلك إلى سلطان الدولة صاحب بغداد .
[ ص: 574 ] وفي هذه السنة ضعف أمر الديلم ببغداد ، وطمع فيهم العامة ، فنزلوا إلى واسط فقاتلهم أهلها مع الترك أيضا .
وفيها ولي نور الدولة أبو الأغر دبيس بن أبي الحسن علي بن مزيد بعد وفاة أبيه .
وفيها قدم سلطان الدولة إلى بغداد وضرب الطبل أوقات الصلوات ، ولم تجر بذلك عادة ، وعقد عقده على بنت قرواش ، على صداق مبلغه خمسون ألف دينار .
ولم يحج أحد من أهل العراق لفساد البلاد ، وعيث الأعراب ، وضعف الدولة .
وقال في " المنتظم " : أخبرنا أبو الفرج بن الجوزي سعد الله بن علي البزاز ، أنبأ ، أخبرنا أبو بكر الطريثيثي هبة الله بن الحسن الطبري ، قال : وفي سنة ثمان وأربعمائة أمير المؤمنين فقهاء القادر بالله المعتزلة الحنفية ، فأظهروا الرجوع ، وتبرءوا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ، وأخذ خطوطهم بذلك ، وأنهم متى خالفوه حل بهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم ، وامتثل يمين الدولة وأمين الملة استتاب أبو القاسم محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين ، واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من خراسان وغيرها ، في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة ، وصلبهم [ ص: 575 ] وحبسهم ونفاهم ، وأمر بلعنهم على منابر المسلمين ، وإبعاد كل طائفة من أهل البدع ، وطردهم عن ديارهم ، وصار ذلك سنة في الإسلام .