[ ص: 593 ] ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة
وفيها جرت كائنة غريبة ، ومصيبة عظيمة ، وهي أن رجلا من المصريين من أصحاب اتفق مع جماعة من الحجاج الحاكم المصريين على أمر سوء ، وذلك أنه لما كان يوم الجمعة وهو يوم النفر الأول طاف هذا الرجل بالبيت ، فلما انتهى إلى الحجر الأسود جاء ليقبله ، فضربه بدبوس كان معه ثلاث ضربات متواليات ، وقال : إلى متى يعبد هذا الحجر ؟ ولا محمد ولا علي يمنعني مما أفعله ، فإني أهدم اليوم هذا البيت ، وجعل يرتعد ، فاتقاه أكثر الحاضرين ، وتأخروا عنه ; وذلك أنه كان رجلا طوالا جسيما ، أحمر اللون ، أشقر الشعر ، وعلى باب المسجد جماعة من الفرسان وقوف ليمنعوه ممن أراده بسوء ، فتقدم إليه رجل من أهل اليمن معه خنجر ، فوجأه بها ، وتكاثر عليه الناس ، فقتلوه وقطعوه قطعا وحرقوه ، وتتبعوا أصحابه ، فقتل منهم جماعة ، ونهبت أهل مكة ركب المصريين ، وتعدى النهب إلى غيرهم أيضا ، وجرت خبطة عظيمة وفتنة كبيرة جدا ، ثم سكن الحال بعد أن تتبع أولئك النفر الذين تمالئوا على الإلحاد في أشرف البلاد ، غير أنه سقط من الحجر ثلاث فلق مثل الأظفار ، وبدا ما تحتها أسمر يضرب إلى صفرة ، محببا مثل الخشخاش ، فأخذ [ ص: 594 ] بنو شيبة تلك الفلق فعجنوها بالمسك واللك ، وحشوا بها تلك الشقوق التي بدت ، فاستمسك الحجر واستمر على ما هو عليه الآن ، وهو ظاهر لمن تأمله .
وفي هذه السنة مؤيد الملك أبو علي الحسن الرخجي وزير شرف الملك بواسط ، ورتب له الخزان والأشربة والعقاقير ، وغير ذلك مما يحتاج إليه ، والله تعالى أعلم ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . فتح المارستان الذي بناه الوزير