وممن توفي فيها من الأعيان : 
الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي  ،  أحد الحفاظ الكبار له التصانيف التي سارت بها الركبان في سائر الأمصار والأقطار ، ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وكان واحد زمانه في الإتقان والحفظ والفقه والتصنيف ، كان فقيها محدثا أصوليا أخذ العلم عن  الحاكم أبي عبد الله النيسابوري ،  وسمع على غيره شيئا كثيرا ، وجمع أشياء كثيرة نافعة جدا لم يسبق إلى مثلها ولا يدرك فيها ; من ذلك كتاب " السنن الكبير " ، " ونصوص الشافعي " كل في عشر مجلدات ، " والسنن والآثار " ، " والمدخل " ، " والآداب " ، " وشعب الإيمان " ، " والخلافيات " ، " ودلائل النبوة " ، " والبعث والنشور " وغير ذلك من المصنفات الكبار والصغار المفيدة التي لا تسامى ولا تدانى ، وكان زاهدا متقللا من الدنيا ، كثير العبادة والورع رحمه الله تعالى ، وكانت وفاته بنيسابور ونقل تابوته إلى بيهق  في جمادى الأولى من هذه السنة . 
الحسن بن غالب  بن علي بن غالب بن منصور بن صعلوك ، أبو علي التميمي ويعرف بابن المبارك  المقرئ صحب ابن سمعون  وأقرأ القرآن على   [ ص: 10 ] حروف أنكرت عليه ، وجرب عليه الكذب ; إما عمدا وإما خطأ واتهم في روايات كثيرة وكان أبو الحسن القزويني  ممن ينكر عليه . وكتب عليه محضر وألزم بعدم الإقراء بالحروف المنكرة قال أبو محمد بن السمرقندي    : كان كذابا . وكانت وفاته في هذه السنة عن اثنتين وثمانين سنة ودفن عند  إبراهيم الحربي  قال ابن خلكان :  أخذ الفقه عن أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي  ثم غلب عليه الحديث واشتهر به ورحل في طلبه . 
القاضي أبو يعلى الحنبلي  محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء القاضي أبو يعلى  شيخ الحنابلة وممهد مذهبهم في الفروع ، ولد في محرم سنة ثمانين وثلاثمائة وسمع الحديث الكثير وحدث عن ابن حبابة    . قال  ابن الجوزي    : وكان من سادات الثقات وشهد عند  ابن ماكولا  وابن الدامغاني  فقبلاه ، وتولى النظر في الحكم بحريم دار الخلافة ، وكان إماما في الفقه له التصانيف الحسان الكثيرة في مذهب أحمد ،  ودرس وأفتى سنين ، وانتهى إليه المذهب وانتشرت تصانيفه وأصحابه ، وجمع الإمامة والفقه والصدق وحسن الخلق والتعبد والتقشف والخشوع وحسن السمت ، والصمت عما لا يعني . 
 [ ص: 11 ] وكانت وفاته في العشرين من رمضان من هذه السنة عن ثمان وسبعين سنة واجتمع في جنازته القضاة والأعيان من الفقهاء والشهود ، وكان يوما حارا فأفطر بعض من اتبع جنازته ذلك اليوم ، وترك من البنين عبيد الله أبا القاسم  وأبا الحسين  وأبا حازم ،  ورآه بعضهم في المنام فقال : ما فعل الله بك؟ فقال : رحمني وغفر لي وأكرمني ورفع منزلتي وجعل يعد ذلك بأصبعه . فقال : بالعلم؟ فقال : بل بالصدق . رحمه الله تعالى . 
 ابن سيده اللغوي  أبو الحسين علي بن إسماعيل المرسي  كان إماما حافظا للغة ، وكان ضرير البصر ، أخذ علم العربية واللغة عن أبيه ، وكان أبوه ضريرا أيضا ، ثم اشتغل على أبي العلاء صاعد البغدادي  وله " المحكم " في مجلدات عديدة ، وله " شرح الحماسة " في ست مجلدات ، وغير ذلك ، وقرأ على الشيخ أبي عمر الطلمنكي  كتاب الغريب لأبي عبيد  سردا من حفظه ، والشيخ يقابل نسخته بما يقرأ فسمع الناس بقراءته من حفظه وتعجبوا لذلك . 
وكانت وفاته في ربيع الأول من هذه السنة ، وله ستون سنة ، وقيل : إنه توفي في سنة ثمان وأربعين والأول أصح ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					