[ ص: 107 ] ثم دخلت سنة ثمانين وأربعمائة
في المحرم منها ملكشاه إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملا مجللة بالديباج الرومي غالبها أواني الذهب والفضة وعلى أربع وسبعين بغلة مجللة بأنواع الديباج الملكي وكان على ستة منها اثنا عشر صندوقا من فضة فيها جواهر وحلي ، وبين يدي البغال ثلاث وثلاثون فرسا عليها مراكب الذهب مرصعة بأنواع الجواهر ومهد عظيم مجلل بالديباج الملكي عليه صفائح الذهب مرصع بالجوهر ، وبعث الخليفة لتلقيهم نقل جهاز ابنة السلطان الوزير أبا شجاع وبين يديه نحو من ثلاثمائة موكبية غير المشاعل لخدمة الست خاتون امرأة السلطان تركان خاتون حماة الخليفة ، وسألها أن تحمل الوديعة الشريفة إلى دار الخلافة فأجابت إلى ذلك ، فحضر الوزير نظام الملك وأعيان الأمراء وبين أيديهم من الشموع والمشاعل ما لا يحصى ، وجاءت نساء الأمراء كل واحدة منهن في جماعتها وجواريها وبين أيديهن الشموع والمشاعل ، ثم جاءت الخاتون ابنة السلطان زوجة الخليفة - بعد الجميع - في محفة مجللة ، وعليها من الذهب والجواهر ما لا تحصى قيمته ، وقد أحاط بالمحفة مائتا جارية تركية بالمراكب المزينة يبهرن الأبصار ، فدخلت دار الخلافة على هذه الصفة ، وقد زين الحريم الطاهر ، وأشعلت فيه الشموع ، وكانت ليلة مشهودة للخليفة ، هائلة جدا فلما كان من الغد أحضر الخليفة أمراء السلطان ، ومد سماطا لم ير مثله عم الحاضرين [ ص: 108 ] والغائبين ، وخلع على الخاتون زوجة السلطان وكان يوما مشهودا ، وكان السلطان متغيبا في الصيد ، ثم قدم بعد أيام ، وكان الدخول بها في أول السنة ، فولدت من الخليفة في ذي القعدة ولدا ذكرا زينت له بغداد .
وفي هذه السنة ولد للسلطان ملكشاه ولد سماه محمودا ، وهو الذي ملك بعده ، وفيها جعل السلطان ولده أبا شجاع أحمد ولي العهد من بعده ولقبه ملك الملوك عضد الدولة وتاج الملة عدة أمير المؤمنين ، وخطب له بذلك على منابر بغداد وغيرها ، ونثر الذهب على الخطباء عند ذكر اسمه .
وفيها شرع في بناء التاجية بباب أبرز ، وعملت مسناة ، وغرست النخيل والفواكه هنالك ، وعمل سور بأمر السلطان ملكشاه .
وحج بالناس نجم الدولة خمارتكين .