الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : ابن دقيق العيد ، الشيخ الإمام ، العالم العلامة ، الحافظ ، قاضي القضاة : تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري المصري ، ولد يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة بساحل مدينة ينبع من أرض الحجاز ، سمع الحديث الكثير ، ورحل ، وخرج ، وصنف فيه - إسنادا ومتنا - مصنفات عديدة فريدة مفيدة ، وانتهت إليه رياسة العلم في زمانه ، وفاق أقرانه ، ورحل إليه الطلبة ، ودرس في أماكن كثيرة ، ثم ولي قضاء الديار المصرية في سنة خمس وتسعين وستمائة ، ومشيخة دار الحديث الكاملية ، وكان وقورا قليل [ ص: 31 ] الكلام ، غزير الفوائد ، كثير العلوم في ديانة ونزاهة ، وله شعر رائق ، توفي يوم الجمعة حادي عشر شهر صفر ، وصلي عليه يوم الجمعة المذكور بسوق الخيل ، وحضر جنازته نائب السلطنة والأمراء ، ودفن بالقرافة الصغرى رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ برهان الدين السكندري إبراهيم بن فلاح بن محمد بن حاتم ، سمع الحديث ، وتفقه ، ودرس بالقوصية ، وأعاد وأفتى ، وناب في الخطابة مدة ، وفي الحكم عن ابن جماعة ، وكان دينا فاضلا ، ولد سنة ست وثلاثين وستمائة ، وتوفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال - عن خمس وستين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبعد شهر سوي ، كانت وفاة الصدر كمال الدين بن العطار - كاتب الدرج منذ أربعين سنة - أبو العباس أحمد بن أبي الفتح محمود بن أبي الوحش أسد بن سلامة بن فتيان الشيباني ، كان من خيار الناس [ ص: 32 ] وأحسنهم تقية ، ودفن بتربة لهم تحت الكهف بسفح قاسيون ، وتأسف الناس عليه لإحسانه إليهم ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملك العادل زين الدين كتبغا ، توفي بحماة نائبا عليها بعد صرخد يوم الجمعة يوم عيد الأضحى ، ونقل إلى تربته بسفح قاسيون غربي الرباط الناصري ، يقال لها : العادلية ، وهي تربة مليحة ذات شبابيك ، وبوابة ، ومئذنة ، وله عليها أوقاف دارة على وظائف ، من قراءة ، وأذان ، وإمامة ، وغير ذلك ، وكان من كبار الأمراء المنصورية ، وقد ملك البلاد بعد مقتل الأشرف خليل بن المنصور ، ثم انتزع الملك لاجين ، وجلس في قلعة دمشق ، ثم تحول إلى صرخد ، فكان بها حتى قتل لاجين ، وأخذ الملك الناصر بن قلاوون فاستنابه بحماة حتى كانت وفاته كما ذكرنا ، وكان من خيار الملوك ، وأعدلهم ، وأكثرهم برا ، وكان من خيار الأمراء والنواب ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية