[ ص: 520 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33800سنة إحدى وخمسين وسبعمائة
استهلت وسلطان
الشام ومصر الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون ، ونائبه
بمصر الأمير
سيف الدين بيبغا ، وأخوه
سيف الدين منجك الوزير ، والمشاورون جماعة من المقدمين
بديار مصر ، وقضاة مصر وكاتب السر هم الذين كانوا في أول السنة الماضية ، ونائب
الشام الأمير
سيف الدين أيتمش الناصري ، والقضاة هم القضاة سوى الحنبلي ، فإنه الشيخ
جمال الدين يوسف المرداوي ، وكاتب السر ، وشيخ الشيوخ
تاج الدين ، وكتاب الدست - هم المتقدمون ، وأضيف إليهم
شرف الدين عبد الوهاب ابن القاضي علاء الدين بن شمرنوخ ، والمحتسب القاضي
عماد الدين بن الفرفور ، وشاد الأوقاف الشريف ، وناظر الجامع
فخر الدين بن العفيف ، وخطيب البلد
جمال الدين محمود بن جملة .
وفي يوم السبت عاشر المحرم نودي بالبلد من جهة نائب السلطان عن كتاب
[ ص: 521 ] جاءه من
الديار المصرية أن لا تلبس النساء الأكمام الطوال العراض ، ولا البرد الحرير ، ولا شيئا من اللباسات والثياب الثمينة ، ولا الأقمشة القصار ، وبلغنا أنهم
بالديار المصرية شددوا في ذلك جدا ، حتى قيل : إنهم غرقوا بعض النساء بسبب ذلك . فالله أعلم .
وجددت وأكملت في أول هذه السنة دار قرآن قبلي تربة امرأة تنكز ، بمحلة باب الخواصين ، حولها - وكانت صورة مدرسة -
الطواشي صفي الدين عنبر ، مولى ابن حمزة ، وهو أحد الكبار الأجواد ، تقبل الله منه .
وفي يوم الأحد خامس شهر جمادى الأولى فتحت المدرسة الطيبانية التي كانت دارا للأمير
سيف الدين طيبان بالقرب من الشامية الجوانية - بينها وبين أم الصالح - اشتريت من ثلثه الذي وصى به ، وفتحت مدرسة ، وحول لها شباك إلى الطريق في ضفتها القبلية منها ، وحضر الدرس بها في هذا اليوم الشيخ
عماد الدين بن شرف الدين ابن عم الشيخ
كمال الدين بن الزملكاني بوصية الواقف له بذلك ، وحضر عنده قاضي القضاة
السبكي ، والمالكي ، وجماعة من الأعيان ، وأخذ في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها [ فاطر : 2 ] الآية .
واتفق في ليلة الأحد السادس والعشرين من جمادى الأولى أنه لم يحضر أحد من المؤذنين على السدة في
جامع دمشق وقت إقامة الصلاة للمغرب سوى
[ ص: 522 ] مؤذن واحد ، فانتظر من يقيم معه الصلاة فلم يجئ أحد غيره بمقدار درجة أو أزيد منها ، ثم أقام هو الصلاة وحده ، فلما أحرم الإمام بالصلاة تلاحق المؤذنون في أثناء الصلاة حتى بلغوا دون العشرة ، وهذا أمر غريب من عدة ثلاثين مؤذن أو أكثر ، لم يحضر سوى مؤذن واحد ، وقد أخبر خلق من المشايخ أنهم لم يروا نظير هذه الكائنة .
وفي يوم الاثنين سابع عشر جمادى الآخرة اجتمع القضاة بمشهد
عثمان ، وكان
القاضي الحنبلي قد حكم في دار المعتمد الملاصقة لمدرسة
الشيخ أبي عمر بنقضها ، وكانت وقفا; لتضاف إلى دار القرآن ، ووقف عليها أوقافا للفقراء ، فمنعه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من ذلك; من أجل أنه يئول أمرها أن تكون دار حديث ، ثم فتحوا بابا آخر ، وقالوا : هذه الدار لم يستهدم جميعها ، وما صادف الحكم محلا; لأن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أن الوقف يباع إذا استهدم بالكلية ، ولم يبق ما ينتفع به .
فحكم
القاضي الحنفي بإثباتها وقفا كما كانت ، ونفذه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والمالكي ، وانفصل الحال على ذلك ، وجرت أمور طويلة ، وأشياء عجيبة .
وفي يوم الأربعاء السابع والعشرين من جمادى الآخرة أصبح بواب المدرسة المستجدة التي يقال لها : الطيبانية - إلى جانب أم الصالح مقتولا مذبوحا ، وقد أخذت من عنده أموال من المدرسة المذكورة ، ولم يطلع على فاعل ذلك ، وكان البواب رجلا صالحا مشكورا ، رحمه الله .
[ ص: 520 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33800سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ وَسُلْطَانُ
الشَّامِ وَمِصْرَ النَّاصِرُ حَسَنُ بْنُ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ قَلَاوُونَ ، وَنَائِبُهُ
بِمِصْرَ الْأَمِيرُ
سَيْفُ الدِّينِ بَيْبُغَا ، وَأَخُوهُ
سَيْفُ الدِّينِ مَنْجَكُ الْوَزِيرُ ، وَالْمُشَاوِرُونَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُقَدَّمِينَ
بِدِيَارِ مِصْرَ ، وَقُضَاةُ مِصْرَ وَكَاتِبُ السِّرِّ هُمُ الَّذِينَ كَانُوا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ ، وَنَائِبُ
الشَّامِ الْأَمِيرُ
سَيْفُ الدِّينِ أَيْتَمُشُ النَّاصِرِيُّ ، وَالْقُضَاةُ هُمُ الْقُضَاةُ سِوَى الْحَنْبَلِيِّ ، فَإِنَّهُ الشَّيْخُ
جَمَالُ الدِّينِ يُوسُفُ الْمَرْدَاوِيُّ ، وَكَاتِبُ السِّرِّ ، وَشَيْخُ الشُّيُوخِ
تَاجُ الدِّينِ ، وَكُتَّابُ الدَّسْتِ - هُمُ الْمُتَقَدِّمُونَ ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِمْ
شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ابْنُ الْقَاضِي عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ شَمْرَنُوخَ ، وَالْمُحْتَسِبُ الْقَاضِي
عِمَادُ الدِّينِ بْنُ الْفُرْفُورِ ، وَشَادُّ الْأَوْقَافِ الشَّرِيفُ ، وَنَاظِرُ الْجَامِعِ
فَخْرُ الدِّينِ بْنُ الْعَفِيفِ ، وَخَطِيبُ الْبَلَدِ
جَمَالُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ جُمْلَةَ .
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ نُودِيَ بِالْبَلَدِ مِنْ جِهَةِ نَائِبِ السُّلْطَانِ عَنْ كِتَابٍ
[ ص: 521 ] جَاءَهُ مِنَ
الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَنْ لَا تَلْبَسَ النِّسَاءُ الْأَكْمَامَ الطِّوَالَ الْعِرَاضَ ، وَلَا الْبُرَدَ الْحَرِيرَ ، وَلَا شَيْئًا مِنَ اللِّبَاسَاتِ وَالثِّيَابِ الثَّمِينَةِ ، وَلَا الْأَقْمِشَةِ الْقِصَارِ ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ
بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ شَدَّدُوا فِي ذَلِكَ جِدًّا ، حَتَّى قِيلَ : إِنَّهُمْ غَرَّقُوا بَعْضَ النِّسَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَجُدِّدَتْ وَأُكْمِلَتْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ دَارُ قُرْآنٍ قِبْلِيَّ تُرْبَةِ امْرَأَةِ تَنْكِزَ ، بِمَحَلَّةِ بَابِ الْخَوَّاصِينَ ، حَوَّلَهَا - وَكَانَتْ صُورَةَ مَدْرَسَةٍ -
الطَّوَاشِيُّ صَفِيُّ الدِّينِ عَنْبَرٌ ، مَوْلَى ابْنِ حَمْزَةَ ، وَهُوَ أَحَدُ الْكِبَارِ الْأَجْوَادِ ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ .
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ خَامِسِ شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى فُتِحَتِ الْمَدْرَسَةُ الطَّيَبَانِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ دَارًا لِلْأَمِيرِ
سَيْفِ الدِّينِ طَيْبَانَ بِالْقُرْبِ مِنَ الشَّامِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ - بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّ الصَّالِحِ - اشْتُرِيَتْ مِنْ ثُلْثِهِ الَّذِي وَصَّى بِهِ ، وَفُتِحَتْ مَدْرَسَةً ، وَحُوِّلَ لَهَا شُبَّاكٌ إِلَى الطَّرِيقِ فِي ضَفَّتِهَا الْقِبْلِيَّةِ مِنْهَا ، وَحَضَرَ الدَّرْسَ بِهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الشَّيْخُ
عِمَادُ الدِّينِ بْنُ شَرَفِ الدِّينِ ابْنِ عَمِّ الشَّيْخِ
كَمَالِ الدِّينِ بْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ بِوَصِيَّةِ الْوَاقِفِ لَهُ بِذَلِكَ ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ
السُّبْكِيُّ ، وَالْمَالِكِيُّ ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأَعْيَانِ ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=2مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا [ فَاطِرٍ : 2 ] الْآيَةَ .
وَاتَّفَقَ فِي لَيْلَةِ الْأَحَدِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى السُّدَّةِ فِي
جَامِعِ دِمَشْقَ وَقْتَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَغْرِبِ سِوَى
[ ص: 522 ] مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ ، فَانْتَظَرَ مَنْ يُقِيمُ مَعَهُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِمِقْدَارِ دَرَجَةٍ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا ، ثُمَّ أَقَامَ هُوَ الصَّلَاةَ وَحْدَهُ ، فَلَمَّا أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِالصَّلَاةِ تَلَاحَقَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَتَّى بَلَغُوا دُونَ الْعَشَرَةِ ، وَهَذَا أَمْرٌ غَرِيبٌ مِنْ عِدَّةِ ثَلَاثِينَ مُؤَذِّنٍ أَوْ أَكْثَرَ ، لَمْ يَحْضُرْ سِوَى مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ ، وَقَدْ أَخْبَرَ خَلْقٌ مِنَ الْمَشَايِخِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا نَظِيرَ هَذِهِ الْكَائِنَةِ .
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ اجْتَمَعَ الْقُضَاةُ بِمَشْهَدِ
عُثْمَانَ ، وَكَانَ
الْقَاضِي الْحَنْبَلِيُّ قَدْ حَكَمَ فِي دَارِ الْمُعْتَمِدِ الْمُلَاصِقَةِ لِمَدْرَسَةِ
الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بِنَقْضِهَا ، وَكَانَتْ وَقْفًا; لِتُضَافَ إِلَى دَارِ الْقُرْآنِ ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَوْقَافًا لِلْفُقَرَاءِ ، فَمَنَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ مِنْ ذَلِكَ; مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَئُولُ أَمْرُهَا أَنْ تَكُونَ دَارَ حَدِيثٍ ، ثُمَّ فَتَحُوا بَابًا آخَرَ ، وَقَالُوا : هَذِهِ الدَّارُ لَمْ يُسْتَهْدَمْ جَمِيعُهَا ، وَمَا صَادَفَ الْحُكْمُ مَحِلًّا; لِأَنَّ مَذْهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ يُبَاعُ إِذَا اسْتُهْدِمَ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَلَمْ يَبْقَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ .
فَحَكَمَ
الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ بِإِثْبَاتِهَا وَقْفًا كَمَا كَانَتْ ، وَنَفَّذَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ ، وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ ، وَأَشْيَاءُ عَجِيبَةٌ .
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ أَصْبَحَ بَوَّابُ الْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا : الطَّيِّبَانِيَّةُ - إِلَى جَانِبِ أُمِّ الصَّالِحِ مَقْتُولًا مَذْبُوحًا ، وَقَدْ أُخِذَتْ مِنْ عِنْدِهِ أَمْوَالٌ مِنَ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ ، وَكَانَ الْبَوَّابُ رَجُلًا صَالِحًا مَشْكُورًا ، رَحِمَهُ اللَّهُ .