ذكر تعظيم خلقهم في النار ،  أعاذنا الله من النار 
قال الله تعالى . إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما    [ النساء : 56 ] . 
وقال أحمد    : حدثنا  وكيع ،  حدثني أبو يحيى الطويل ،  عن أبي يحيى   [ ص: 139 ] القتات ،  عن مجاهد ،  عن ابن عمر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا ، وإن ضرسه مثل أحد    " . كذا رواه أحمد  في " مسنده " عن  عبد الله بن عمر بن الخطاب ،  رضي الله عنهما ، وهو الصحيح . وكذا رواه  البيهقي ،  ثم رواه من طريق عمران بن زيد ،  عن أبي يحيى القتات ،  عن مجاهد ،  عن عبد الله بن عمرو  مرفوعا ، فذكر مثله ، ثم صحح البيهقي الأول كما ذكرنا . والله أعلم . 
وهذا الحديث غريب من هذا الوجه ، ولبعضه شاهد من وجوه أخرى عن  أبي هريرة    . فالله أعلم . 
فقال الإمام أحمد :  حدثنا ربعي بن إبراهيم ،  حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ،  عن سعيد بن أبي سعيد ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد ،  وعرض جلده سبعون ذراعا ، وفخذه مثل ورقان ، ومقعده في النار مثل ما بيني وبين الربذة    " . 
ورواه  البيهقي  ، من طريق بشر بن المفضل ،  عن عبد الرحمن بن إسحاق ،   [ ص: 140 ] وزاد فيه : " وعضده مثل البيضاء " . 
طريق أخرى : قال أحمد    : حدثنا أبو النضر ،  حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن عبد الله بن دينار    - عن  زيد بن أسلم ،  عن  عطاء بن يسار ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضرس الكافر مثل أحد ،  وفخذه مثل البيضاء ،  ومقعده من النار كما بين قديد  ومكة ،  وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار   " . 
طريق أخرى : قال البزار    : حدثنا محمد بن الليث الهدادي ،  وأحمد بن عثمان بن حكيم ،  قالا : حدثنا  عبيد الله بن موسى ،  حدثنا  شيبان - يعني ابن عبد الرحمن    - عن الأعمش ،  عن أبي صالح ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ضرس الكافر مثل أحد ،  وغلظ جلده أربعون ذراعا   " . 
طريق أخرى : قال البزار    : حدثنا  محمد بن المثنى ،  حدثنا أبو عامر ،   [ ص: 141 ] حدثنا محمد بن عمار ،  عن صالح مولى التوأمة ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضرس الكافر مثل أحد ،  ومقعده من النار مسيرة ثلاث   " . 
طريق أخرى : قال الحسن بن سفيان    : حدثنا يوسف بن عيسى ،  حدثنا الفضل بن موسى ،  عن الفضيل بن غزوان ،  عن أبي حازم ،  عن  أبي هريرة  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين منكبي الكافر مسيرة خمسة أيام للراكب المسرع   " . 
قال الحسن : وحدثنا محمد بن طريف البجلي ،  حدثنا ابن فضيل ،  عن أبيه ، عن أبي حازم ،  عن  أبي هريرة  رفعه ، قال : " ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع   " . 
قال  البيهقي    : رواه  البخاري ،  عن معاذ بن أسد ،  عن الفضل بن موسى    . ورواه مسلم ،  عن أبي كريب  وغيره ، عن ابن فضيل ،  ولم يقل : رفعه . 
 [ ص: 142 ] طريق أخرى : قال البزار : حدثنا الحسين بن الأسود ،  حدثنا  محمد بن فضيل ،  حدثنا عاصم بن كليب ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضرس الكافر مثل أحد ، وفخذه مثل الورقان ، وغلظ جلده أربعون ذراعا   " . 
ثم قال البزار    : لا يروى عن  أبي هريرة  بأحسن من هذا الإسناد ، ولم نسمعه إلا من الحسين بن الأسود    . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا حسن بن موسى ،  ثنا حماد بن سلمة ،  عن  داود بن أبي هند ،  عن  عبد الله بن قيس ،  قال : سمعت الحارث بن أقيش ،  يحدث أن  أبا برزة  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أمتي لمن يشفع لأكثر من ربيعة  ومضر ،  وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها   " . ورواه أحمد  أيضا ، عن محمد بن أبي عدي ،  عن  داود بن أبي هند ،  به . 
وقال أحمد    : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ،  حدثنا أبو حيان ،  حدثني يزيد بن حيان التيمي ،  قال : وحدثنا  زيد بن أرقم  قال : " إن الرجل من أهل   [ ص: 143 ] النار ليعظم للنار حتى يكون الضرس من أضراسه كأحد    " . 
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد    : حدثنا يحيى ،  عن ابن عجلان ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا في جهنم ، يقال له : بولس . فتعلوهم نار الأنيار ، يسقون من طينة الخبال ; عصارة أهل النار   " . 
وكذا رواه الترمذي   والنسائي    " ، عن سويد بن نصر ،  عن ابن المبارك ،  عن ابن عجلان ،  وقال الترمذي    : حسن . فالمراد أنهم يحشرون يوم القيامة في العرصات كذلك ، فإذا سيقوا إلى النار ودخلوها عظم خلقهم ، كما دلت على ذلك الأحاديث التي أوردناها ; ليكون ذلك أنكى وأشد في عذابهم ، وأعظم في خزيهم ، كما قال : ليذوقوا العذاب    [ النساء : 56 ] . والله سبحانه أعلم . 
 [ ص: 144 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					