سنة سبع من الهجرة النبوية غزوة خيبر في أولها
قال شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، في قوله : وأثابهم فتحا قريبا ( الفتح : 18 ) قال : خيبر
وقال موسى بن عقبة : لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية مكث بالمدينة عشرين يوما ، أو قريبا من ذلك ، ثم خرج إلى خيبر ، وهي التي وعده الله إياها . وحكى موسى ، عن الزهري ، أن افتتاح خيبر في سنة ست .
والصحيح أن ذلك في أول سنة سبع كما قدمنا .
قال ابن إسحاق : ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، حين رجع من الحديبية ، ذا الحجة وبعض المحرم ، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر [ ص: 250 ]
وقال يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة ، عن مروان والمسور قالا : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية ، فنزلت عليه سورة الفتح بين مكة والمدينة ، فقدم المدينة في ذي الحجة ، فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم ، فنزل بالرجيع ؛ - واد بين خيبر وغطفان - فتخوف أن تمدهم غطفان ، فبات حتى أصبح فغدا إليهم .
قال البيهقي : وبمعناه رواه الواقدي عن شيوخه ، في خروجه في أول سنة سبع من الهجرة .
وقال عبد الله بن إدريس ، عن ابن إسحاق ، حدثني عبد الله بن أبي بكر قال : لما كان افتتاح خيبر في عقب المحرم ، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر صفر . قال ابن هشام : واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا وهيب ، حدثنا خثيم ، [ ص: 251 ] يعني ابن عراك ، عن أبيه أن أبا هريرة قدم المدينة في رهط من قومه والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر ، وقد استخلف سباع بن عرفطة - يعني الغطفاني - على المدينة . قال : فانتهيت إليه وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى ب كهيعص ( مريم : 1 ) . وفي الثانية : ويل للمطففين ( المطففين : 1 ) فقلت في نفسي : ويل لفلان ، إذا اكتال اكتال بالوافي ، وإذا كال كال بالناقص . قال : فلما صلى زودنا شيئا حتى أتينا خيبر ، وقد افتتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر . قال : فكلم المسلمين ، فأشركونا في سهامهم .
وقد رواه البيهقي ، من حديث سليمان بن حرب ، عن وهيب ، عن خثيم بن عراك ، عن أبيه ، عن نفر من بني غفار قالوا : إن أبا هريرة قدم المدينة . فذكره .
قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر ، سلك على عصر ، فبني له فيها مسجد ، ثم على الصهباء ، ثم أقبل بجيشه حتى نزل به بواد يقال له : الرجيع . فنزل بينهم وبين غطفان ؛ ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر - وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم - [ ص: 252 ] فبلغني أن غطفان لما سمعوا بذلك جمعوا ، ثم خرجوا ليظاهروا اليهود عليه ، حتى إذا ساروا منقلة ، سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا ، ظنوا ، أن القوم قد خالفوا إليهم ، فرجعوا على أعقابهم ، فأقاموا في أموالهم وأهليهم ، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير أن سويد بن النعمان أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر ، حتى إذا كانوا بالصهباء ، وهي من أدنى خيبر ، صلى العصر ، ثم دعا بالأزواد ، فلم يؤت إلا بالسويق ، فأمر به فثري ، فأكل وأكلنا ، ثم قام إلى المغرب فمضمض ، ثم صلى ولم يتوضأ .
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، فسرنا ليلا ، فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر ، ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ وكان عامر رجلا شاعرا ، فنزل يحدو بالقوم ، يقول :
لاهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا [ ص: 253 ] فاغفر فداء لك ما اتقينا
وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا
إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من هذا السائق ؟ " قالوا : عامر بن الأكوع . قال : " يرحمه الله " . فقال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به . فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ، ثم إن الله فتحها عليهم ، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم ، أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هذه النيران ؟ على أي شيء توقدون ؟ " قالوا : على لحم . قال : " على أي لحم ؟ " قالوا : لحم الحمر الإنسية . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أهريقوها واكسروها " . فقال رجل : يا رسول الله ، أونهريقها ونغسلها ؟ فقال : " أو ذاك " . فلما تصاف الناس ، كان سيف عامر قصيرا ، فتناول به ساق يهودي ليضربه ، فيرجع ذباب سيفه ، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، فلما قفلوا قال سلمة : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ [ ص: 254 ] بيدي ، قال : " ما لك ؟ " قلت : فداك أبي وأمي ، زعموا أن عامرا حبط عمله . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كذب من قاله ، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد مجاهد ، قل عربي مشى بها مثله .ورواه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل ، وغيره ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة ، به نحوه . ويروى : " نشأ بها مثله " .
قال السهيلي : ويروى : " قل عربي مشابها مثله " . ويكون منصوبا على الحالية من نكرة ، وهو سائغ ؛ إذا دلت على تصحيح معنى ، كما جاء في الحديث : " فصلى وراءه رجل قياما " .
وقد روى ابن إسحاق قصة عامر بن الأكوع من وجه آخر فقال : حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن [ ص: 255 ] الأكوع ، وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع : " انزل يا ابن الأكوع ، فخذ لنا من هناتك " قال : فنزل يرتجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم ، عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي ، عن أبيه ، عن أبي معتب بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم : " قفوا " . ثم قال : " اللهم رب السماوات وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما أذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شرها ، وشر أهلها ، وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله " وهذا حديث غريب جدا من هذا الوجه . [ ص: 256 ]
وقد رواه الحافظ البيهقي ، عن الحاكم ، عن الأصم ، عن العطاردي ، عن يونس بن بكير ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ، عن صالح بن كيسان ، عن أبي مروان الأسلمي ، عن أبيه ، عن جده قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ، حتى إذا كنا قريبا وأشرفنا عليها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : " قفوا " . فوقف الناس ، فقال : " اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، فإنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر هذه القرية ، وشر أهلها ، وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله الرحمن الرحيم "
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح ، فإن سمع أذانا أمسك ، وإن لم يسمع أذانا أغار ، فنزلنا خيبر ليلا ، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا ، فركب وركبنا معه ، وركبت خلف أبي طلحة ، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستقبلنا عمال خيبر غادين ، قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش ، قالوا : محمد [ ص: 257 ] والخميس معه . فأدبروا هرابا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " . قال ابن إسحاق : حدثنا هارون ، عن حميد ، عن أنس ، بمثله .
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا مالك ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى خيبر ليلا ، وكان إذا أتى قوما بليل لم يقربهم حتى يصبح ، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوه قالوا : محمد والله ، محمد والخميس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين تفرد به دون مسلم .
وقال البخاري : حدثنا صدقة بن الفضل ، حدثنا ابن عيينة ، حدثنا أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن أنس بن مالك قال : صبحنا خيبر بكرة ، فخرج أهلها بالمساحي ، فلما بصروا بالنبي صلى الله عليه وسلم قالوا : محمد [ ص: 258 ] والله ، محمد والخميس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " . قال : فأصبنا من لحوم الحمر ، فنادى منادي النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ؛ فإنها رجس تفرد به البخاري دون مسلم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر ، فوجدهم حين خرجوا إلى زرعهم ومعهم مساحيهم ، فلما رأوه ومعه الجيش ، نكصوا فرجعوا إلى حصنهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين تفرد به أحمد ، وهو على شرط " الصحيحين " .
وقال البخاري : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس ، ثم قال : " الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " . فخرجوا يسعون في السكك ، فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلة ، وسبى الذرية ، وكان في السبي صفية ، فصارت إلى دحية الكلبي ، ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل عتقها صداقها . قال عبد العزيز بن صهيب لثابت : يا أبا محمد ، أأنت قلت لأنس : ما أصدقها ؟ فحرك ثابت رأسه تصديقا له . تفرد به دون مسلم . وقد أورد البخاري ومسلم النهي عن لحوم الحمر الأهلية من [ ص: 259 ] طرق تذكر في كتاب " الأحكام " .
وقد قال الحافظ البيهقي : أنبأنا أبو طاهر الفقيه ، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي ، حدثنا محمد بن حماد الأبيوردي ، حدثنا محمد بن الفضيل ، عن مسلم الأعور الملائي ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض ، ويتبع الجنائز ، ويجيب دعوة المملوك ، ويركب الحمار ، وكان يوم بني قريظة ، والنضير على حمار ، ويوم خيبر على حمار مخطوم برسن ليف ، وتحته إكاف من ليف . وقد روى هذا الحديث بتمامه الترمذي ، عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر وابن ماجه ، عن محمد بن الصباح ، عن سفيان ، وعن عمرو بن رافع ، عن جرير ، كلهم عن مسلم ، وهو ابن كيسان الملائي الأعور الكوفي ، عن أنس ، به . وقال الترمذي : لا [ ص: 260 ] نعرفه إلا من حديثه ، وهو يضعف .
قلت : والذي ثبت في " الصحيح " عند البخاري عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجرى في زقاق خيبر ، حتى انحسر الإزار ، عن فخذه . فالظاهر أنه كان يومئذ على فرس ، لا على حمار . ولعل هذا الحديث - إن كان صحيحا - محمول على أنه ركبه في بعض الأيام وهو محاصرها . والله أعلم .
وقال البخاري : حدثنا محمد بن سعيد الخزاعي ، حدثنا زياد بن الربيع ، عن أبي عمران الجوني قال : نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة ، فرأى طيالسة ، فقال : كأنهم الساعة يهود خيبر [ ص: 261 ]
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا حاتم ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع قال : كان علي بن أبي طالب تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر ، وكان رمدا فقال : أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟! فلحق به ، فلما بتنا الليلة التي فتحت خيبر قال : " لأعطين الراية غدا - أو : ليأخذن الراية غدا - رجل يحبه الله ورسوله ، يفتح عليه " . فنحن نرجوها . فقيل : هذا علي . فأعطاه ، ففتح عليه . ورواه البخاري أيضا ومسلم ، عن قتيبة ، عن حاتم ، به .
ثم قال البخاري : حدثنا قتيبة ، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم قال : أخبرني سهل بن سعد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر " لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " . قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم ؛ أيهم يعطاها ؟ فلما أصبح الناس غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال : " أين علي بن أبي طالب ؟ " . فقالوا : هو يا رسول الله ، يشتكي عينيه . قال : فأرسلوا إليه ، فأتي به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي : يا رسول الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ [ ص: 262 ] فقال صلى الله عليه وسلم : " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم وقد رواه مسلم والنسائي جميعا ، عن قتيبة ، به .
وفي " صحيح مسلم " والبيهقي من حديث سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله عليه " . قال عمر : فما أحببت الإمارة قط إلا يومئذ . فدعا عليا فبعثه ، ثم قال : " اذهب فقاتل حتى يفتح الله عليك ، ولا تلتفت " . قال علي : على ما أقاتل الناس ؟ قال : " قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها ، وحسابهم على الله لفظ البيهقي .
وقال الإمام أحمد : حدثنا مصعب بن المقدام ، وحجين بن المثنى [ ص: 263 ] قالا : حدثنا إسرائيل ، حدثنا عبد الله بن عصمة العجلي ، سمعت أبا سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ، ثم قال : " من يأخذها بحقها ؟ " فجاء فلان فقال : أنا . قال : " أمط " . ثم جاء رجل ، فقال : " أمط " . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي كرم وجه محمد ، لأعطينها رجلا لا يفر ، هاك يا علي " . فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك ، وجاء بعجوتهما ، وقديدهما . تفرد به أحمد ، وإسناده لا بأس به ، وفيه غرابة . وعبد الله بن عصمة - ويقال : ابن عصم - هذا يكنى بأبي علوان العجلي ، وأصله من اليمامة ، سكن الكوفة ، وقد وثقه ابن معين ، وقال أبو زرعة لا بأس به . وقال أبو حاتم : شيخ . وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : يخطئ كثيرا . وذكره في " الضعفاء " ، وقال : يحدث عن الأثبات مما لا يشبه حديث الثقات ، حتى يسبق إلى القلب أنها موهومة أو موضوعة .
وقال يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : حدثني بريدة بن سفيان [ ص: 264 ] بن فروة الأسلمي ، عن أبيه ، عن سلمة بن عمرو بن الأكوع ، رضي الله عنه ، قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، رضي الله عنه ، إلى بعض حصون خيبر ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح ، وقد جهد ، ثم بعث عمر رضي الله عنه ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ، ويحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار " . قال سلمة : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، وهو يومئذ أرمد ، فتفل في عينيه ، ثم قال : " خذ الراية وامض بها ، حتى يفتح الله عليك " . فخرج بها والله يأنح ، يهرول هرولة ، وإنا لخلفه نتبع أثره ، حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن ، فاطلع يهودي من رأس الحصن فقال : من أنت ؟ قال : أنا علي بن أبي طالب فقال اليهودي : عليتم وما أنزل على موسى . فما رجع حتى فتح الله على يديه .
وقال البيهقي : أنبأنا الحاكم ، أنبأنا الأصم ، أنبأنا العطاردي ، عن يونس بن بكير ، عن الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، أخبرني أبي قال : لما [ ص: 265 ] كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر ، فرجع ولم يفتح له ، وقتل محمود بن مسلمة ، فرجع الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأدفعن لوائي غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، لن يرجع حتى يفتح الله له " . فبتنا طيبة نفوسنا أن الفتح غدا ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة ، ثم دعا باللواء وقام قائما ، فما منا من رجل له منزلة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل ، حتى تطاولت أنا لها ، ورفعت رأسي ؛ لمنزلة كانت لي منه ، فدعا علي بن أبي طالب ، وهو يشتكي عينيه . قال : فمسحها ، ثم دفع إليه اللواء ففتح له . فسمعت عبد الله بن بريدة يقول : حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب . قال يونس : قال ابن إسحاق : كان أول حصون خيبر فتحا حصن ناعم ، وعنده قتل محمود بن مسلمة ، ألقيت عليه رحى منه فقتلته .
ثم روى البيهقي ، عن يونس بن بكير ، عن المسيب بن مسلمة الأزدي ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما أخذته الشقيقة ، فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر أخذته الشقيقة ، فلم يخرج إلى الناس ، وإن أبا بكر أخذ راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم [ ص: 266 ] نهض فقاتل قتالا شديدا ثم رجع ، فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لأعطينها غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة " . وليس ثم علي ، فتطاولت لها قريش ، ورجا كل رجل منهم أن يكون صاحب ذلك ، فأصبح ، وجاء علي بن أبي طالب على بعير له حتى أناخ قريبا ، وهو أرمد قد عصب عينه بشقة برد قطري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لك ؟ " قال : رمدت بعدك . قال : " ادن مني " فتفل في عينه ، فما وجعها حتى مضى لسبيله ، ثم أعطاه الراية فنهض بها ، وعليه جبة أرجوان حمراء ، قد أخرج خملها ، فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني ، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاك سلاحي بطل مجرب
إذا الليوث أقبلت تلهب وأحجمت عن صولة المغلب [ ص: 267 ]
أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات شديد القسوره
أكيلكم بالصاع كيل السندره
قال : فاختلفنا ضربتين ، فبدره علي بضربة ، فقد الحجر والمغفر ورأسه ، ووقع في الأضراس ، وأخذ المدينة .وقد روى الحافظ البزار ، عن عباد بن يعقوب ، عن عبد الله بن بكير ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قصة بعث أبي بكر ، ثم عمر يوم خيبر ، ثم بعث علي ، فكان الفتح على يديه . وفي سياقه غرابة ونكارة ، وفي إسناده من هو متهم بالتشيع . والله أعلم .
وقد روى مسلم والبيهقي واللفظ له ، من طريق عكرمة بن عمار ، عن إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه ، فذكر حديثا طويلا ، وذكر فيه رجوعهم من غزوة بني فزارة . قال : فلم نمكث إلا ثلاثا ، حتى خرجنا إلى خيبر . قال : [ ص: 268 ] وخرج عامر ، فجعل يقول :
والله لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
ونحن من فضلك ما استغنينا فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من هذا القائل ؟ " فقالوا : عامر . فقال : " غفر لك ربك " . قال : وما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم قط أحدا به إلا استشهد . فقال عمر وهو على جمل : لولا متعتنا بعامر . قال : فقدمنا خيبر ، فخرج مرحب وهو يخطر بسيفه ويقول :قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال : فبرز له عامر ، رضي الله عنه ، وهو يقول :قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مغامر
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال : فبرز له علي وهو يقول :أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
قال : فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله ، وكان الفتح . هكذا وقع في هذا السياق أن عليا هو الذي قتل مرحبا اليهودي ، لعنه الله .وقال أحمد : حدثنا حسين بن حسن الأشقر ، حدثني ابن [ ص: 270 ] قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : لما قتلت مرحبا جئت برأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد روى موسى بن عقبة ، عن الزهري أن الذي قتل مرحبا هو محمد بن مسلمة .
وكذلك قال محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن سهل ، أحد بني حارثة ، عن جابر بن عبد الله قال : خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر وهو يرتجز ويقول :
قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحرب
إن حماي للحمى لا يقرب
قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغما جريء صلب [ ص: 271 ]
إذ شبت الحرب تلتها الحرب معي حسام كالعقيق عضب
يطأكمو حتى يذل الصعب نعطي الجزاء أو يفيء النهب
بكف ماض ليس فيه عتب
قال ابن إسحاق : وزعم بعض الناس أن محمدا ارتجز حين ضربه وقال :
قد علمت خيبر أني ماض حلو إذا شئت وسم قاض
هذا سيف مرحب من يذقه يعطب
وقال يونس ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه رجل منهم من يهود ، فطرح ترسه من يده ، فتناول علي باب الحصن ، فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده ، فلقد رأيتني في نفر معي - سبعة أنا ثامنهم - نجهد على أن نقلب ذلك الباب ، فما استطعنا أن نقلبه . وفي هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر .
ولكن روى الحافظ البيهقي ، والحاكم من طريق مطلب بن زياد ، عن ليث بن أبي سليم ، عن أبي جعفر الباقر ، عن جابر ، أن عليا حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه فافتتحوها وأنه جرب بعد ذلك ، فلم يحمله أربعون رجلا . وفيه ضعف أيضا . وفي رواية ضعيفة ، عن جابر : ثم [ ص: 274 ] اجتمع عليه سبعون رجلا ، وكان جهدهم أن أعادوا الباب .
وقال البخاري : حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال : رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : يا أبا مسلم ، ما هذه الضربة ؟ قال : هذه ضربة أصابتها يوم خيبر ، فقال الناس : أصيب سلمة . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكيت حتى الساعة .
ثم قال البخاري : حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل قال : التقى النبي صلى الله عليه وسلم والمشركون في بعض مغازيه فاقتتلوا ، فمال كل قوم إلى عسكرهم ، وفي المسلمين رجل لا يدع من المشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها فضربها بسيفه ، فقيل : يا رسول الله ، ما أجزأ أحد ما أجزأ فلان . قال : " إنه من أهل النار " فقالوا : أينا من أهل الجنة إن كان هذا من أهل النار ؟ فقال رجل من القوم : لأتبعنه ، فإذا أسرع وأبطأ كنت معه . حتى جرح فاستعجل الموت ، فوضع نصاب سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ، ثم تحامل عليه فقتل نفسه . فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أشهد أنك رسول الله . قال : " وما ذاك ؟ " فأخبره فقال : " إن الرجل ليعمل بعمل أهل [ ص: 275 ] الجنة - فيما يبدو للناس - وإنه من أهل النار ، ويعمل بعمل أهل النار - فيما يبدو للناس - وإنه من أهل الجنة رواه أيضا عن قتيبة ، عن يعقوب ، عن أبي حازم ، عن سهل فذكر مثله أو نحوه .
وقال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال : شهدنا خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام : " هذا من أهل النار " . فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال ، حتى كثرت به الجراحة ، حتى كاد بعض الناس يرتاب ، فوجد الرجل ألم الجراحة ، فأهوى بيده إلى كنانته ، فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه ، فاشتد رجال من المسلمين فقالوا : يا رسول الله ، صدق الله حديثك ، انتحر فلان فقتل نفسه . فقال : " قم يا فلان ، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن ، وأن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر .
وقد روى موسى بن عقبة قصة العبد الأسود ؛ الذي رزقه الله الإيمان والشهادة في ساعة واحدة ، وكذلك رواها ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة قالا : وجاء عبد حبشي أسود ، من أهل خيبر ، كان في غنم لسيده ، فلما رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح سألهم قال : ما تريدون ؟ قالوا : نقاتل هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي . فوقع في نفسه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل [ ص: 276 ] بغنمه حتى عمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إلى ما تدعو ؟ قال : " أدعوك إلى الإسلام ؛ أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأن لا تعبد إلا الله " . قال : فقال العبد : فماذا يكون لي إن شهدت بذلك وآمنت بالله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجنة إن مت على ذلك " . فأسلم العبد فقال : يا نبي الله إن هذه الغنم عندي أمانة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخرجها من عسكرنا وارمها بالحصباء ، فإن الله سيؤدي عنك أمانتك " . ففعل فرجعت الغنم إلى سيدها ، فعرف اليهودي أن غلامه قد أسلم . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظ الناس ، فذكر الحديث في إعطائه الراية عليا ، ودنوه من حصن اليهود وقتله مرحبا ، وقتل مع علي ذلك العبد الأسود ، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم ، فأدخل في الفسطاط ، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع في الفسطاط ، ثم اطلع على أصحابه فقال : " لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير ، قد كان الإسلام من نفسه حقا ، وقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين " .
وقد روى الحافظ البيهقي من طريق ابن وهب ، عن حيوة بن شريح ، عن ابن الهاد ، عن شرحبيل بن سعد ، عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر ، فخرجت سرية ، فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها ، فذكر نحو قصة هذا العبد الأسود ، وقال فيه : قتل شهيدا وما سجد لله سجدة . [ ص: 277 ]
ثم قال البيهقي : حدثنا محمد بن محمد بن محمش الفقيه ، حدثنا أبو بكر القطان ، حدثنا أبو الأزهر ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا ثابت ، عن أنس أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني رجل أسود اللون ، قبيح الوجه ، منتن الريح ، لا مال لي ، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل ، أدخل الجنة ؟ قال : " نعم " . فتقدم فقاتل حتى قتل ، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مقتول ، فقال : " لقد حسن الله وجهك الطيب ، وطيب ريحك ، وكثر مالك " وقال : " لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبته عنه ؛ يدخلان فيما بين جلده وجبته .
ثم روى البيهقي ، من طريق ابن جريج ، أخبرني عكرمة بن خالد ، عن ابن أبي عمار ، عن شداد بن الهاد أن رجلا من الأعراب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه ، فقال : أهاجر معك . فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ، فلما كانت غزوة خيبر غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقسمه وقسم له ، فأعطى أصحابه ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوه إليه ، فقال : ما [ ص: 278 ] هذا ؟ قالوا : قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ما على هذا اتبعتك ، ولكني اتبعتك على أن أرمى هاهنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت فأدخل الجنة . فقال : " إن تصدق الله يصدقك " ثم نهضوا إلى قتال العدو ، فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ، وقد أصابه سهم حيث أشار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هو هو ؟ " قالوا : نعم . قال : " صدق الله فصدقه " وكفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدمه فصلى عليه ، فكان مما ظهر من صلاته : " اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك ، قتل شهيدا ، أنا عليه شهيد وقد رواه النسائي ، عن سويد بن نصر ، عن عبد الله بن المبارك ، عن ابن جريج به نحوه .


