( ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ) الولد هنا كالولد في تلك الآية . والربع والثمن يشترك فيه الزوجات إن وجدن ، وتنفرد به الواحدة . وظاهر الآية : أنهما يعطيان فرضهما المذكور في الآيتين من غير عول ، وإلى ذلك ذهب . وذهب الجمهور إلى أن العول يلحق فرض الزوج والزوجة ، كما يلحق سائر الفرائض المسماة . ابن عباس
( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ) الكلالة : خلو الميت عن الوالد والولد ، قاله أبو بكر ، و عمر ، و علي ، و سليم بن عبيد ، والسدي ، و الحكم ، وابن زيد ، و السبيعي . وقالت طائفة : هي الخلو من الولد فقط . وروي عن أبي بكر وعمر ثم رجعا عنه إلى القول الأول . وروي أيضا عن ، وذلك مستقر من قوله في الإخوة مع الوالدين : إنهم يحطون الأم ويأخذون ما يحطونه . ويلزم على قوله : إذ ورثهم - بأن الفريضة كلالة أن يعطيهم الثلث بالنص . وقالت طائفة ، منهم ابن عباس الحكم بن عيينة ، هي الخلو من الولد . قال ابن عطية : وهذان القولان ضعيفان ؛ لأن من بقي والده أو ولده فهو موروث بنسب لا بتكلل . وأجمعت الأمة الآن على أن الإخوة لا يرثون مع ابن ولا أب ، وعلى هذا مضت الأعصار والأمصار . انتهى .
واختلف في اشتقاقها . فقيل : من الكلال وهو الإعياء ، فكأنه يصير الميراث إلى الوارث من بعد إعياء . قال الأعشى :
فآليت لا أرثي لها من كلالة ولا من وجى حتى نلاقي محمدا
وقال : والكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال ، وهو ذهاب القوة من الإعياء . فاستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد ، لأنها بالإضافة إلى قرابتها كالة ضعيفة . انتهى . وقيل : هي مشتقة من تكلله النسب : أحاط به . وإذا لم يترك والدا ولا ولدا فقد انقطع طرفاه ، وهما عمودا نسبه ، وبقي موروثه لمن يتكلله نسبه ، أي : يحيط به من نواحيه كالإكليل . ومنه روض مكلل بالزهر . وقال الزمخشري : الفرزدق
ورثتم قناة المجد لا عن كلالة عن ابني مناف عبد شمس وهاشم
وقال الأخفش : الكلالة من لا يرثه أب ولا أم . والذي عليه الجمهور أن الكلالة الميت الذي لا ولد له ولا مولود ، وهو قول جمهور أهل اللغة وصاحب العين ، وأبي منصور اللغوي ، ، وابن عرفة ، و وابن الأنباري العتبي ، وأبي عبيدة . وغلط أبو عبيدة في ذكر الأخ مع الأب والولد ، وقطرب في قوله : الكلالة اسم [ ص: 189 ] لمن عدا الأبوين والأخ ، وسمي ما عدا الأب والولد كلالة ، لأنه بذهاب طرفيه تكلله الورثة وطافوا به من جوانبه . ويرجح هذا القول نزول الآية في جابر ولم يكن له يوم نزولها ابن ولا أب ، لأن أباه قتل يوم أحد فصارت قصة جابر بيانا لمراد الآية . وأما الكلالة في الآية فقال عطاء : هو المال . وقالت طائفة : الكلالة الورثة ، وهو قول الراغب قال : الكلالة اسم لكل وارث . قال الشاعر :
والمرء يجمع للغنى وللكلالة ما يسيم
وقال عمر : الكلالة الميت الموروث . وقالت طائفة : الورثة بجملتها كلهم كلالة . وابن عباس
وقرأ الجمهور : يورث بفتح الراء مبنيا للمفعول ، من أورث مبنيا للمفعول . وقرأ الحسن : بكسرها مبنيا للفاعل من أورث أيضا . وقرأ أبو رجاء والحسن : بكسر الراء وتشديدها . من ورث . فأما على قراءة الجمهور ومعنى الكلالة أنه الميت أو الوارث ، فانتصاب الكلالة على الحال من الضمير المستكن في ( والأعمش يورث ) . وإذا وقع على الوارث احتيج إلى تقدير : ذا كلالة ؛ لأن الكلالة إذ ذاك ليست نفس الضمير في ( يورث ) . وإن كان معنى الكلالة القرابة ، فانتصابها على أنها مفعول من أجله ، أي : يورث لأجل الكلالة . وأما على قراءة الحسن وأبي رجاء ، فإن كانت الكلالة هي الميت فانتصابها على الحال ، والمفعولان محذوفان ، التقدير : يورث وارثه ماله في حال كونه كلالة . وإن كان المعني بها الوارث فانتصاب الكلالة على المفعول به بـ يورث ، ويكون المفعول الثاني محذوفا ، تقديره : يورث كلالة ماله أو القرابة ، فعلى المفعول من أجله والمفعولان محذوفان أيضا ، ويجوز في ( كان ) أن تكون ناقصة ، فيكون ( يورث ) في موضع نصب على الخبر . وتامة ، فتكون في موضع رفع على الصفة . ويجوز إذا كانت ناقصة والكلالة بمعنى الميت - أن يكون ( يورث ) صفة ، وينتصب كلالة على خبر كان ، أو بمعنى الوارث . فيجوز ذلك على حذف مضاف أي : وإن كان رجل موروث ذا كلالة . وقال عطاء : الكلالة المال ، فينتصب كلالة على أنه مفعول ثان ، سواء بني الفعل للفاعل أو للمفعول . وقال ابن زيد : الكلالة الوراثة ، وينتصب على الحال أو على النعت لمصدر محذوف ، تقديره : وراثة كلالة .