الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ) أي أن نكاح الأبناء نساء آبائهم هو فاحشة أي : بالغة في القبح . ومقت : أي يمقت الله فاعله ، قاله أبو سليمان الدمشقي . أو تمقته العرب أي : مبغض محتقر عندهم ، وكان ناس من ذوي المروآت في الجاهلية يمقتونه . قال أبو عبيدة وغيره : كانت العرب تسمي الولد الذي يجيء من زوج الوالد - المقتي ؛ نسبة إلى المقت . ومن فسر إلا ما قد سلف بالزنا جعل الضمير في ( إنه ) عائد عليه ، أي : أن ما قد سلف من زنا الآباء كان فاحشة ، و ( كان ) يستعمل كثيرا بمعنى لم يزل ، فالمعنى : أن ذلك لم يزل فاحشة ، بل هو متصف بالفحش في الماضي والحال والمستقبل ، فالفحش وصف لازم له .

وقال المبرد : هي زائدة . ورد عليه بوجود الخبر ، إذ الزائدة لا خبر لها . وينبغي أن يتأول كلامه على أن كان لا يراد بها تقييد الخبر بالزمن الماضي فقط ، فجعلها زائدة بهذا الاعتبار .

وساء سبيلا هذه مبالغة في الذم ، كما يبالغ ببئس . فإن كان فيها ضمير يعود على ما عاد عليه ضمير ( إنه ) ، فإنها لا تجري عليها أحكام بئس . وإن كان الضمير فيها مبهما كما يزعم أهل البصرة فتفسيره ( سبيلا ) ، ويكون المخصوص بالذم إذ ذاك محذوفا ، التقدير : وبئس سبيلا سبيل هذا النكاح ، كما جاء : بئس الشراب ، أي : ذلك الماء الذي كالمهل . وبالغ في ذم هذه السبيل ، إذ هي سبيل موصلة إلى عذاب الله . وقال البراء بن عازب : لقيت خالي ومعه الراية ، فقلت : أين تريد ؟ قال : أرسلني رسول الله إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية