فإن أكسبوني نزر مال فإنني كسبتهم حمدا يدوم مع الدهر
وقالت فرقة : المعنى أن الله تعالى جعل لكل من الصنفين مكاسب تختص به ، فلا يتمنى أحد منها ما جعل للآخر . فجعل للرجال الجهاد والإنفاق في المعيشة وحمل التكاليف الشاقة كالأحكام والإمارة والحسبة وغير ذلك . وجعل للنساء الحمل ومشقته ، وحسن التبعل ، وحفظ غيب الزوج ، وخدمة البيوت . وقيل : المعنى مما اكتسب من نعيم الدنيا ، فينبغي أن يرضى بما قسم الله له . وهذه الأقوال الثلاثة هي بالنسبة لأحوال الدنيا . وقالت فرقة : المعنى نصيب من الأجر والحسنات . وقال : جعل ما قسم لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرف الله من حاله الموجبة للبسط والقبض كسبا له انتهى . وفي قوله : عرف الله نظره ، فإنه لا يقال في الله عارف ، نص الأئمة على ذلك ، لأن المعرفة في اللغة تستدعي قبلها جهلا بالمعروف ، وذلك بخلاف العلم ، فإنه لا يستدعي جهلا قبله . وتسمية ما قسم الله كسبا له فيه نظر أيضا ، فإن الاكتساب يقتضي الاعتمال والتطلب كما قلناه ، إلا إن قلنا أن أكثر ما قسم له يستدعي اكتسابا من الشخص ، فأطلق الاكتساب على جميع ما قسم له تغليبا للأكثر . وفي تعليق النصيب بالاكتساب حض على العمل ، وتنبيه على كسب الخير . الزمخشري