الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) هو نبيهم يشهد عليهم بما فعلوا كما قال تعالى : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) والأمة هنا من بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من مؤمن به وكافر . لما أعلم تعالى بعدله وإيتاء فضله أتبع ذلك بأن نبه على الحالة التي يحضرونها للجزاء ويشهد عليهم فيها .

و ( كيف ) في موضع رفع إن كان المحذوف مبتدأ ، التقدير : فكيف حال هؤلاء السابق ذكرهم ، أو كيف صنعهم . وهذا المبتدأ هو العامل في إذا ، أو في موضع نصب إن كان المحذوف فعلا أي : فكيف يصنعون ، أو كيف يكونون . والفعل أيضا هو العامل في إذا . ونقل ابن عطية عن مكي : أن العامل في ( كيف ) ( جئنا ) . قال : وهو خطأ ، والاستفهام هنا للتوبيخ ، والتقريع ، والإشارة بهؤلاء إلى أمة الرسول صلى الله عليه وسلم . وقال مقاتل : إلى الكفار . وقيل : إلى اليهود والنصارى . وقيل : إلى كفار قريش . وقيل : إلى المكذبين وشهادته بالتبليغ لأمته قاله : ابن مسعود ، وابن جريج ، والسدي ، ومقاتل . أو بإيمانهم قاله أبو العالية ، أو بأعمالهم قاله : مجاهد والسدي . والظاهر أن الشهادة تكون على المشهود عليهم . وقيل : على بمعنى اللام ، أي : وجئنا بك لهؤلاء ، وهذا فيه بعد . وقال الزجاجي : يشهد لهم وعليهم ، وحذف المشهود عليهم في قوله : إذا جئنا من كل أمة بشهيد لجريان ذكره في الجار والمجرور فاختصر ، والتقدير : من كل أمة بشهيد على أمته . وظاهر المقابلة يقتضي أن تكون الشهادة عليهم لا لهم ، ولا يكون عليهم إلا والمشهود عليهم كانوا منكرين مكذبين بما شهد عليهم به . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا قرأ هذه الآية فاضت عيناه ، وكذلك حين قرأ عليه ابن مسعود ذرفت عيناه وبكاؤه - والله أعلم - هو إشفاق على أمته ورحمة لهم من هول ذلك اليوم . وظاهر قوله : وجئنا بك ، أنه معطوف على قوله : جئنا من كل أمة . وقيل : حال على تقدير قد أي وقد جئنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية