( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) روي أن عياش بن أبي ربيعة ، وكان أخا أبي جهل لأمه ؛ أسلم وهاجر خوفا من قومه إلى المدينة ، وذلك قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقسمت أمه لا تأكل ولا تشرب ولا يؤويها سقف حتى يرجع ؛ فخرج أبو جهل ومعه الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ؛ فأتياه وهو في أطم ؛ ففتك منه أبو جهل في الزرود والغارب ، وقال : أليس محمد يحثك على صلة الرحم ؟ انصرف وبر أمك ، وأنت على دينك ؛ حتى نزل وذهب معهما ؛ فلما أبعدا عن المدينة كتفاه وجلده كل واحد مائة جلدة ؛ فقال للحارث : هذا أخي فمن أنت يا حارث لله علي إن وجدتك خاليا أن أقتلك . وقدما به على أمه فحلفت لا تحل كتافه أو يرتد ؛ ففعل . [ ص: 320 ] ثم هاجر بعد ذلك ، وأسلم الحارث وهاجر فلقيه عياش بظهر قباء ، ولم يشعر بإسلامه ، فأنحى عليه فقتله ، ثم أخبر بإسلامه ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قتلته ولم أشعر بإسلامه ؛ فنزلت . وقيل نزلت في رجل كان يرعى غنما ؛ فقتله في بعض السرايا وهو يتشهد ، وساق غنمه ، فعنفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت . وقيل نزلت في أبو الدرداء أبي حذيفة بن اليمان حين قتل يوم أحد خطأ . وقيل غير ذلك ، انتهى .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما رغب في مقاتلة الكفار ؛ ذكر بعد ذلك ما يتعلق بالمحاربة ، ومنها أن يظن رجلا حربيا ، وهو مسلم فيقتله . وهذا التركيب تقدم نظيره في قوله : ( ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين ) ، وفي قوله : ( وما كان لنبي أن يغل ) ، وكان يغني الكلام هناك عن الكلام هنا ، ولكن رأينا جمع ما قاله من وقفنا على كلامه من المفسرين هنا .
قال : ما كان لمؤمن : ما صلح له ، ولا استقام ولا لاق بحاله ؛ كقوله : الزمخشري وما كان لنبي أن يغل ، وما يكون لنا أن نعود ، أن يقتل مؤمنا ابتداء غير قصاص إلا خطأ على وجه الخطأ . فإن قلت : بما انتصب خطأ ؟ قلت : بأنه مفعول له ; أي ما ينبغي له أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ وحده ، ويجوز أن يكون حالا بمعنى : لا يقتله في حال من الأحوال إلا في حال الخطأ ، وأن يكون صفة لمصدر ; أي إلا قتلا خطأ .
والمعنى : أن من شأن المؤمن أن تنتفي عنه وجوه قتل المؤمن ابتداء البتة ؛ إلا إذا وجد منه خطأ من غير قصد بأن يرمي كافرا فيصيب مسلما ، أو يرمي شخصا على أنه كافر فإذا هو مسلم . وقال ابن عطية : قال جمهور أهل التفسير : ما كان في إذن الله ، ولا في أمره للمؤمن أن يقتل مؤمنا بوجه ، ثم استثنى استثناء منقطعا ليس من الأول ، وهو الذي يكون فيه إلا بمعنى ( لكن ) والتقدير : ولكن الخطأ قد يقع ، ويتجه وجها آخر ؛ وهو أن تقدر كان بمعنى استقر ووجد . كأنه قال : وما وجد ولا تقرر ، ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ إذ هو مغلوب فيه أحيانا ؛ فيجيء الاستثناء على هذا غير منقطع ، وتتضمن الآية على هذا إعظام العهد وبشاعة شأنه كما تقول : ما كان لك يا فلان أن تتكلم بهذا إلا ناسيا إعظاما للعمد والقصد ، مع حظر الكلام به البتة .
وقال الراغب : إن قيل أيجوز أن يقتل المؤمن خطأ حتى يقال : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ، قيل قولك يجوز أو لا يجوز ؟ إنما يقال في الأفعال الاختيارية المقصودة ؛ فأما الخطأ فلا يقال فيه ذلك ، وما كان لك أن تفعل كذا وما كنت لتفعل كذا متقاربان ، وهما لا يقالان بمعنى ؛ وإن كان أكثر ما يقال الأول لما كان الإحجام عنه من قبل نفسه ; أي ما كان المؤمن ليقتل مؤمنا إلا خطأ ؛ ولهذا المعنى أراد من قال معناه : ما ينبغي للمؤمن أن يقتل مؤمنا متعمدا ؛ لكن يقع ذلك منه خطأ . وكذا من قال : ليس في حكم الله أن يقتل المؤمن إلا خطأ . وقال الأصم : معناه ليس القتل لمؤمن بمتروك أن يقتضي له ؛ إلا أن يكون قتله خطأ .
وقال أبو عبد الله الرازي : وما كان ; أي فيما آتاه الله أو عهد إليه ، أو ما كان له في شيء من الأزمنة ذلك والغرض منه بيان أن كانت ثابتة من أول زمان التكليف . وقال حرمة القتل أبو هاشم : تقدير الآية ؛ وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ويبقى مؤمنا إلا أن يقتله خطأ ؛ فيبقى حينئذ مؤمنا ، وهذا الذي قاله أبو هاشم قاله . قال السدي : قتل المؤمن المؤمن يخرجه عن أن يكون مؤمنا ؛ إلا أن يكون خطأ ، وليس هذا معتقد أهل السنة والجماعة . وقيل هو نفي جواز السدي ؛ ومعناه : النهي ، وأفاد دخول كان أنه لم يزل حكم الله . وقال قتل المؤمن الماتريدي : الإشكال أن الله تعالى نهى المؤمن عن القتل مطلقا ، واستثنى الخطأ والاستثناء من النفي إثبات ، ومن التحريم إباحة . وقتل الخطأ ليس بمباح بالإجماع ؛ وفي كونه حراما كلام ، انتهى .
وملخص ما بني على هذا أنه إن كان نفيا ، وأريد به معنى النهي كان استثناء منقطعا ; إذ لا يجوز أن يكون متصلا ; لأنه يصير المعنى : [ ص: 321 ] إلا خطأ فله قتله . وإن كان نفيا أريد به التحريم ؛ فيكون استثناء متصلا ; إذ يصير المعنى : إلا خطأ بأن عرفه كافرا فقتله ، وكشف الغيب أنه كان مؤمنا ؛ فيكون قد أبيح الإقدام على قتل الكفرة ؛ وإن كان فيهم من أسلم ؛ إذا لم يعلم بهم ؛ فيكون الاستثناء من الحظر إباحة . وقال بعض أهل العلم : المعنى ، وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا عمدا ولا خطأ فيكون إلا بمعنى ( ولا ) . وأنكر الفراء هذا القول ، وقال : مثل هذا لا يجوز ؛ إلا إذا تقدم استثناء آخر ، ويكون الثاني عطف استثناء على استثناء ، كما في قول الشاعر :
ما بالمدينة دار غير واحدة دار الخليفة إلا دار مروانا
وروى أبو عبيدة عن يونس أنه سأل عن هذه الآية فقال : ليس له أن يقتله عمدا ولا خطأ ؛ ولكنه أقام ( إلا ) مقام الواو ، وهو كقول الشاعر : رؤبة بن العجاجوكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) التحرير : الإعتاق ، والعتيق : الكريم ; لأن الكرم في الأحرار كما أن اللؤم في العبيد . ومنه عتاق الطير ، وعتاق الخيل لكرامها . وحر الوجه أكرم موضع [ ص: 322 ] منه والرقبة عبر بها عن النسمة ؛ كما عبر عنها بالرأس في قولهم : فلان يملك كذا رأسا من الرقيق . والظاهر أن كل رقبة اتصفت بأن يحكم لها بالإيمان منتظم تحت قوله : ( رقبة مؤمنة ) ، انتظام عموم البدل ؛ فيندرج فيها من ولد بين مسلمين ، ومن أحد أبويه مسلم ؛ صغيرا كان أو كبيرا ، ومن سباه مسلم من دار الحرب قبل البلوغ .
وقال إبراهيم : لا يجزئ إلا البالغ . وقال ، ابن عباس والحسن ، ، والشعبي والنخعي ، وقتادة وغيرهم : لا يجزئ إلا التي صامت وعقلت الأيمان ، لا يجزئ في ذلك الصغيرة . وقال أبو حنيفة ، ، والأوزاعي ومالك ، ، والشافعي وأبو يوسف ، ومحمد بن زياد وزفر : يجزئ في كفارة القتل الصبي إذا كان أحد أبويه مسلما . وقال عطاء : يجزئ الصغير المولود بين المسلمين . وقال مالك : من صلى وصام أحب إلي ، ولا خلاف أن قوله : ومن قتل مؤمنا ؛ ينتظم الصغير والكبير ؛ وكذلك ينبغي أن يكون في " فتحرير رقبة مؤمنة " . قال ابن عطية : وأجمع أهل العلم على أن الناقص النقصان الكبير كقطع اليدين والرجلين والأعمى لا يجزئ فيما حفظت ؛ فإن كان يسيرا يمكن معه المعيشة والتحرف كالعرج ونحوه ؛ ففيه قولان . وقال أبو بكر الرازي : لا خلاف بين الأمة أنه لا يجزئ في الكفارة أعمى ولا مقعد ولا مقطوع اليدين أو الرجلين ، ولا أشلهما ، واختلفوا في الأعرج . وقال أبو حنيفة وأصحابه : يجزئ مقطوع إحدى اليدين أو الرجلين . وقال مالك والأكثرون : لا يجزئ عند أكثرهم المجنون المطبق ، ولا عند والشافعي مالك الذي يجن ويفيق ، ولا المعتق إلى سنين ، ويجزئان عند . ولا يجزئ المدبر عند الشافعي مالك ، ، وأصحاب الرأي ، ويجزئ في قول والأوزاعي الشافعي ، واختاره وأبي ثور ابن المنذر . وقال مالك : لا يصح من أعتق بعضه . واختلفوا في . فقيل تمحيصا ، وطهرا لذنب القاتل ؛ حيث ترك الاحتياط والتحفظ حتى هلك على يديه امرؤ محقون الدم . وقيل لما أخرج نفسا مؤمنة عن جملة الأحياء لزمه أن يدخل نفسا مثلها في جملة الأحرار ; لأن إطلاقها من قيد الرق حياتها من قبل أن الرقيق ممنوع من تصرف الأحرار . سبب وجوب الكفارة في قتل الخطأ
والظاهر أن وجوب التحرير والدية على القاتل ; لأنه مستقر في الكتاب والسنة : أن من فعل شيئا يلزم فيه أمر من الغرامات مثل الكفارات ؛ إنما يجب ذلك على فاعله . فأما التحرير ففي مال القاتل . وأما الدية فعلى العاقلة كلها في قول طائفة منهم : الأوزاعي . وما جاوز الثلث في قول الجمهور والحسن بن صالح أبي حنيفة ومالك والشافعي والليث وغيرهم . وأما الثلث ففي مال الجاني ، ولم يجب عليهم إلا على سبيل المواساة . وهي خلاف قياس الأصول في الغرامات والمتلفات . والدية كانت مستقرة في الجاهلية . قال الشاعر : وابن شبرمة
نأسوا بأموالنا آثار أيدينا
ولم تتعرض الآية لمقدار ما يعطى في الدية ، ولا من أي شيء تكون . فذهب أبو حنيفة : إلى أنها من الإبل مائة على ما يأتي تفصيلها والدنانير والدراهم ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم . وقال أبو يوسف ، ومحمد : ومن البقر والشاة والحلل ، وبه قالت طائفة من التابعين ، وهو قول الفقهاء السبعة المدنيين . فمن البقر مائتا بقرة ، ومن الشاة ألف شاة ، ومن الحلل مائتا حلة ، وذلك فعل عمر . وجعله على كل أهل صنف من ذلك ما ذكر .
وقال مالك : أهل الذهب أهل الشام ومصر ، وأهل الورق أهل العراق ، وأهل الإبل أهل البوادي ، فلا يقبل من أهل الإبل إلا الإبل ، ولا من أهل الذهب إلا الذهب ، ولا من أهل الورق إلا الورق . وقالت طائفة منهم طاوس : هي مائة من الإبل لا غير . قال والشافعي : والدراهم والدنانير بدل عنها إذا عدمت ، وله قول آخر : إنه يجب اثنا عشر ألف درهم ، أو ألف دينار . قال الشافعي أبو بكر الرازي : أجمع فقهاء الأمصار أبو حنيفة ، ومالك أن والشافعي أخماس ، واختلفوا في الأسنان . فقال أصحابنا جميعا : [ ص: 323 ] عشرون بني مخاض ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وهو مذهب دية الخطأ ، وبه قال ابن مسعود أحمد . وقال مالك : عشرون حقاقا ، وعشرون جذاعا ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون بنت مخاض . وحكي هذا عن ، عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزهري وربيعة والليث .
وقال : الدية قسمان ؛ مغلظة أثلاثا ؛ ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة في بطونها أولادها ، ومخففة أخماسا كقول مالك . وروي عن عطاء أن دية الخطأ أربع ؛ خمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون مثل أسنان الذكور . وقال الشافعي عمر ، : في الخطأ ثلاثون بنت لبون ، وثلاثون جذعة ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون بنت مخاض . وروي عنهما مكان الجذاع الحقات . وزيد بن ثابت
والظاهر أنه لا فرق بين القتل خطأ في الحرم ، وفي شهر حرام وبينه في الحل ، وفي شهر غير حرام . وسئل عن الأوزاعي ؟ فقال : بلغنا أنه إذا قتل في الشهر الحرام أو في القتل في الشهر الحرام ، أو في الحرم هل تغلظ فيه الدية الحرم زيد على القاتل الثلث ، ويزاد في شبه العمد في أسنان الإبل .
وأما من العاقلة فقيل هم العصبات الأربعة : الأب ، والجد وإن علا ، والابن ، وابن الابن ، وإن سفل . وهو قول مالك . وقال أبو حنيفة وأصحابه : هم أهل ديوانه دون أقربائه ؛ فإن لم يكن القاتل من أهل الديوان فرضت على عاقلته الأقرب فالأقرب ، ويضم إليهم القبائل في النسب . وقال فيما روى عنه الشافعي المزني في مختصره : العقل على ذوي الأنساب دون أهل الديوان والحلفاء ، على الأقرب فالأقرب من بني أبيه ثم جده ، ثم بني جد أبيه .
وأما فقد انعقد الإجماع ووردت به الأحاديث الصحاح : أنها تتأدى في ثلاث سنين ، وفي الدية والعاقلة أحكام كثيرة تعرض لها بعض المفسرين ، وهي مذكورة في كتب الفقه . المدة التي تؤدى فيها الدية
ومعنى مسلمة إلى أهله أي مؤداة مدفوعة إلى أهل المقتول ; أي أوليائه الذين يرثونه يقتسمونها كالميراث ، لا فرق بينها وبين سائر التركة في كل شيء يقضى منها الدين ، وتنفذ الوصية . وإذا لم يكن وارث فهي لبيت المال . وقال شريك : لا يقضى من الدية دين ، ولا تنفذ منها وصية . وقال : يرث كل وارث منها غير القاتل ؛ ومعنى قوله : ابن مسعود إلا أن يصدقوا ; أي إلا أن يعفو وراثه عن الدية فلا دية . وجاء بلفظ التصدق تنبيها على فضيلة العفو وحضا عليه ، وأنه جار مجرى الصدقة ، واستحقاق الثواب الآجل به دون طلب العرض العاجل ، وهذا حكم من قتل في دار الإسلام خطأ . وفي قوله : إلا أن يصدقوا دليل على جواز ، ودليل على أنه لا يشترط البراءة من الدين بلفظ الصدقة خلافا القبول في الإبراء لزفر ؛ فإنه قال : لا يبرأ الغريم من الدين إلا أن يقبل البراءة . والظاهر أن أنه ليس عليهم كلهم إلا كفارة واحدة لعموم قوله : ومن قتل ، وترتيب تحرير رقبة واحدة ودية على ذلك . وبه قالت طائفة هكذا قال الجماعة إذا اشتركوا في قتل رجل خطأ ، وحكي عن أبو ثور ذلك . وقال الأوزاعي الحسن ، وعكرمة ، والنخعي ، والحارث ومالك ، ، والثوري ، والشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي : على كل واحد منهم الكفارة . وأبو ثور
وهذا الاستثناء قيل منقطع ، وقيل إنه متصل . قال : ( فإن قلت ) : بم تعلق ( الزمخشري أن يصدقوا ) ؟ وما محله ؟ قلت : تعلق بعليه ، أو بـ ( مسلمة ) . كأن قيل : وتجب عليه الدية أو يسلمها ، إلا حين يتصدقون عليه ، ومحلها النصب على الظرف بتقدير حذف الزمان كقولهم : اجلس ما دام زيد جالسا ، ويجوز أن يكون حالا من أهله بمعنى : إلا متصدقين ، انتهى كلامه . وكلا التخريجين خطأ ; أما جعل أن وما بعدها ظرفا فلا يجوز ، نص النحويون على ذلك ، وأنه مما انفردت به ( ما ) المصدرية ، ومنعوا أن تقول : أجيئك أن يصيح الديك ، يريد وقت صياح الديك . وأما أن ينسبك منها [ ص: 324 ] مصدر ؛ فيكون في موضع الحال فنصوا أيضا على أن ذلك لا يجوز . قال في قول العرب : أنت الرجل أن تنازل أو أن تخاصم في معنى أنت الرجل نزالا وخصومة : إن انتصاب هذا انتصاب المفعول من أجله ; لأن المستقبل لا يكون حالا ؛ فعلى هذا الذي قررناه يكون كونه استثناء منقطعا هو الصواب . وقرأ الجمهور سيبويه يصدقوا ؛ وأصله يتصدقوا ؛ فأدغمت التاء في الصاد . وقرأ الحسن ، وأبو عبد الرحمن ، وعبد الوارث ، عن أبي عمرو : ( تصدقوا ) بالتاء على المخاطبة للحاضرة . وقرئ : تصدقوا بالتاء وتخفيف الصاد ؛ وأصله تتصدقوا ؛ فحذف إحدى التاءين على الخلاف في أيهما هي المحذوفة . وفي حرف أبي وعبد الله : يتصدقوا بالياء والتاء .