( إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ) قال ، ابن مسعود ، وابن عباس والحسن : نزلت في الجاحدين حكم الله ، وهي عامة في كل من جحد حكم الله . وقال : نزل ( يا أيها الرسول إلى فأولئك هم الكافرون ) في البراء بن عازب اليهود خاصة ، وذكر قصة رجم اليهوديين . وقيل لحذيفة : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) نزلت في بني إسرائيل ؟ قال : نعم . وقال الحسن وأبو مجلز وأبو جعفر : هي في اليهود . وقال الحسن : هي علينا واجبة . وقال قتادة : ذكر لنا أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان يقول لما نزلت هذه الآية : ( نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان ) وفي الآية ترغيب لليهود بأن يكونوا كمتقدميهم من مسلمي أحبارهم ، وتنبيه المنكرين لوجوب الرجم . وقال جماعة : الهدى والنور سواء ، وكرر للتأكيد . وقال قوم : ليسا سواء ، فالهدى محمول على بيان الأحكام ، والنور والبيان للتوحيد والنبوة والمعاد . قال : يهدي للعدل والحق ، ونور يبين ما استبهم من الأحكام . وقال الزمخشري ابن عطية : الهدى : الإرشاد المعتقد والشرائع ، والنور ما يستضاء به من أوامرها ونواهيها . وقيل : المعنى فيها بيان أمر الرسول وما جاءوا يستفتون فيه .
( يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا ) ظاهر قوله : النبيون ، الجمع . قالوا : وهم من لدن موسى إلى عيسى . وقال عكرمة : محمد ومن قبله من الأنبياء . وقيل : النبيون الذين هم على دين إبراهيم . وقال الحسن والسدي : هو محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وذلك حين حكم على اليهود بالرجم وذكره بلفظ الجمع كقوله : أم يحسدون الناس ، والذين أسلموا ، وصف مدح الأنبياء كالصفات التي تجري على الله تعالى ، وأريد بإجرائها التعريض باليهود والنصارى ، حيث قالت اليهود : إن الأنبياء كانوا يهودا ، والنصارى قالت : كانوا نصارى ، فبين أنهم كانوا مسلمين ، كما كان إبراهيم ، عليه السلام . ولذلك جاء : ( هو سماكم المسلمين من قبل ) ونبه بهذا الوصف أن اليهود والنصارى بعداء من هذا الوصف الذي هو الإسلام ، وأنه كان دين الأنبياء كلهم قديما وحديثا . والظاهر أن الذين هادوا متعلق بقوله : يحكم بها النبيون . وقيل : بأنزلنا . وقيل التقدير : هدى ونور للذين هادوا يحكم بها النبيون . وفي قوله : للذين هادوا ، تنبيه على أنهم ليسوا مسلمين ، بل هم بعداء من ذلك . واللام في للذين هادوا إذا علقت بيحكم للاختصاص ، فيشمل من يحكم له ومن يحكم عليه . وقيل : ثم محذوف ; أي : للذين هادوا وعليهم . وقيل : اللام بمعنى على ; أي : على الذين هادوا .