قال تعالى : ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ( 24 ) ) .
قوله تعالى : ( ماذا أنزل ربكم ) : " ماذا " فيها وجهان :
أحدهما : " ما " فيها استفهام ، و " ذا " بمعنى الذي ، وقد ذكر في البقرة ، والعائد محذوف ; أي أنزله .
و ( أساطير ) : خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : ما ادعيتموه منزلا أساطير .
ويقرأ أساطير بالنصب ، والتقدير : وذكرتم أساطير ، أو أنزل أساطير ، على الاستهزاء .
قال تعالى : ( بغير علم ألا ساء ما يزرون ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم ( 25 ) ) .
قوله تعالى : ( ليحملوا ) : أي قالوا ذلك ليحملوا ; وهي لام العاقبة .
( ومن أوزار الذين ) : أي وأوزار الذين .
[ ص: 106 ] وقال الأخفش : " من " زائدة .
قال تعالى : ( فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد ( 26 ) ) .
قوله تعالى : ( من القواعد ) : أي من ناحية القواعد ; والتقدير : أتى أمر الله .
( من فوقهم ) : يجوز أن يتعلق " من " بخر ، وتكون " من " لابتداء الغاية ; وأن تكون حالا ; أي كائنا من فوقهم ، وعلى كلا الوجهين هو توكيد .
قال تعالى : ( الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي ( 27 ) ) .
قوله تعالى : ( تشاقون ) : يقرأ بفتح النون ، والمفعول محذوف ; أي تشاقون المؤمنين ، أو تشاقونني .
ويقرأ بكسرها مع التشديد ، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية .
ويقرأ بالكسر والتخفيف ، وهو مثل ( فبم تبشرون ) [ الحجر : 54 ] وقد ذكر .
قوله تعالى : ( إن الخزي اليوم ) : في عامل الظرف وجهان ; أحدهما : الخزي وهو مصدر فيه الألف واللام . والثاني : هو معمول الخبر ; وهو قوله تعالى : ( على الكافرين ) أي كائن على الكافرين اليوم ، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف .
قال تعالى : ( فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ( 28 ) ) .
قوله تعالى : ( الذين تتوفاهم ) : في الجر والنصب والرفع ، وقد ذكر في مواضع . و ( تتوفاهم ) : بمعنى توفتهم .
( فألقوا السلم ) : يجوز أن يكون معطوفا على : ( قال الذين أوتوا العلم ) [ النحل : 27 ] .
ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم .
ويجوز أن يكون مستأنفا .
[ ص: 107 ] و ( السلم ) هنا بمعنى القول ، كما قال في الآية الأخرى ( فألقوا إليهم القول ) [ النحل : 86 ] فعلى هذا يجوز أن يكون " ما كنا نعمل من سوء " تفسيرا للسلم الذين ألقوه ; ويجوز أن يكون مستأنفا ; ويجوز أن يكون التقدير : فألقوا السلم قائلين ما كنا .
قال تعالى : ( قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم ( 30 ) ) .
قوله تعالى : ( ماذا أنزل ربكم ) : " ما " في موضع نصب بأنزل ، ودل على ذلك نصب الجواب ; وهو قوله : ( قالوا خيرا ) : أي أنزل خيرا .
قال تعالى : ( لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار ( 31 ) ) .
قوله تعالى : ( جنات عدن ) : يجوز أن تكون هي المخصوصة بالمدح ، مثل زيد في : نعم الرجل زيد .
و ( يدخلونها ) : حال منها . ويجوز أن يكون مستأنفا ، و " يدخلونها " الخبر .
ويجوز أن يكون الخبر محذوفا ; أي لهم جنات عدن ، ودل على ذلك قوله تعالى : ( للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) [ النحل : 30 ] .
( كذلك يجزي ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف .
قال تعالى : ( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ( 32 ) ) .
قوله تعالى : ( طيبين ) : حال من المفعول . و " يقولون " حال من الملائكة .
قال تعالى : ( فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ( 36 ) ) .
قوله تعالى : ( أن اعبدوا ) : يجوز أن تكون " أن " بمعنى أي . وأن تكون مصدرية .
( من هدى ) : من : نكرة موصوفة مبتدأ ، وما قبلها الخبر .