قال تعالى : ( فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم ( 52 ) ) .
[ ص: 152 ] قوله تعالى : ( ويوم يقول ) : أي واذكر يوم يقول . ويقرأ بالنون والياء .
و ( بينهم ) : ظرف . وقيل : هو مفعول به ; أي وصيرنا وصلهم إهلاكا لهم .
و ( الموبق ) : مكان ، وإن شئت كان مصدرا ; يقال : وبق يبق وبوقا وموبقا ، ووبق يوبق وبقا .
قال تعالى : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا ( 53 ) ) .
قوله تعالى : ( مصرفا ) : أي انصرافا .
ويجوز أن يكون مكانا ; أي لم يجدوا مكانا ينصرف إليه عنها . والله أعلم .
قال تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل ( 54 ) ) .
قوله تعالى : ( من كل مثل ) : أي ضربنا لهم مثلا من كل جنس من الأمثال ; والمفعول محذوف ; أو يخرج على قول الأخفش أن تكون من زائدة .
( أكثر شيء جدلا ) : فيه وجهان :
أحدهما : أن شيئا هنا في معنى مجادل ; لأن أفعل يضاف إلى ما هو بعض له ، وتمييزه بجدلا يقتضي أن يكون الأكثر مجادلا ، وهذا من وضع العام موضع الخاص .
والثاني : أن في الكلام محذوفا ، تقديره : وكان جدال الإنسان أكثر شيء ، ثم ميزه .
قال تعالى : ( إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم ( 55 ) ) .
قوله تعالى : ( أن يؤمنوا ) : مفعول منع ، و " أن تأتيهم " فاعله ; وفيه حذف مضاف ; أي إلا طلب أو انتظار أن تأتيهم .
قال تعالى : ( ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ( 56 ) ) .
قوله تعالى : ( وما أنذروا ) : " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، و " هزوا " : مفعول ثان .
ويجوز أن تكون " ما " مصدرية .
[ ص: 153 ] قال تعالى : ( إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( أن يفقهوه ) : أي كراهية أن يفقهوه .
قال تعالى : ( بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب ( 58 ) ) .
قوله تعالى : ( لو يؤاخذهم ) : مضارع محكي به الحال ; وقيل : هو بمعنى الماضي . والموعد هنا يصلح للمكان والمصدر .
و " الموئل " : مفعل ، من وأل يئل إذا لجأ ، ويصلح لهما أيضا .
قال تعالى : ( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا ( 59 ) ) .
قوله تعالى : ( وتلك ) : مبتدأ ، و " أهلكناهم " الخبر . ويجوز أن يكون " تلك " في موضع نصب بفعل مقدر يفسره المذكور . و ( لمهلكهم ) : مفعل بضم الميم ، وفتح اللام ، وفيه وجهان :
أحدهما : هو مصدر بمعنى الإهلاك ، مثل المدخل . والثاني : هو مفعول ; أي لمن أهلك ، أو لما أهلك منها .
ويقرأ بفتحهما ; وهو مصدر هلك يهلك .
ويقرأ بفتح الميم وكسر اللام ، وهو مصدر أيضا ; ويجوز أن يكون زمانا ; وهو مضاف إلى الفاعل ; ويجوز أن يكون إلى المفعول على لغة من قال : هلكته أهلكه ، والموعد زمان .