قال تعالى : ( قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ( 45 ) ) .
قوله تعالى : ( أن يفرط ) : الجمهور على فتح الياء وضم الراء ; فيجوز أن يكون التقدير : أن يفرط علينا منه قول ; فأضمر القول لدلالة الحال عليه ، كما تقول : فرط مني قول . وأن يكون الفاعل ضمير فرعون ، كما كان في " يطغى " .
قال تعالى : ( قال فمن ربكما يا موسى ( 49 ) قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ( 50 ) ) .
قوله تعالى : ( فمن ربكما ياموسى ) : أي وهارون ، فحذف للعلم به .
ويجوز أن يكون طلب الإخبار من موسى وحده ; إذ كان هو الأصل ; ولذلك قال : " قال ربنا الذي " . و ( خلقه ) : مفعول أول ، و ( كل شيء ) : ثان ; أي أعطى مخلوقه كل شيء .
وقيل : هو على وجهه ، والمعنى : أعطى كل شيء مخلوق خلقه ; أي هو الذي ابتدعه . ويقرأ " خلقه " على الفعل ; والمفعول الثاني محذوف للعلم به .
قال تعالى : ( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( علمها ) : مبتدأ ، وفي الخبر عدة أوجه ; أحدها : " عند ربي " ، و " في كتاب " على هذا معمول الخبر ، أو خبر ثان ، أو حال من الضمير في " عند " . والثاني : أن يكون الخبر " في كتاب " ، و " عند " حال ، والعامل فيها الظرف الذي بعدها على قول الأخفش . وقيل : يكون حالا من المضاف إليه في " علمها " . وقيل : يكون ظرفا للظرف الثاني . وقيل : هو ظرف للعلم . والثالث : أن يكون الظرفان خبرا واحدا ، مثل هذا حلو حامض ، ولا يجوز أن يكون " في كتاب " متعلقا بعلمها ، و " عند " الخبر ; لأن المصدر لا يعمل فيما بعد خبره .
( لا يضل ) : في موضع جر صفة لكتاب ، وفي التقدير وجهان ; أحدهما : لا يضل ربي عن حفظه . والثاني : لا يضل الكتاب ربي ; أي عنه ; فيكون ( ربي ) مفعولا .
ويقرأ بضم الياء ; أي [ لا ] يضل أحد ربي عن علمه .
[ ص: 185 ] ويجوز أن يكون ربي فاعلا ; أي لا يجد الكتاب ضالا ; أي ضائعا ، كقوله تعالى : ( ضل من تدعون ) [ الإسراء : 67 ] .
ومفعول " ينسى " محذوف ; أي ولا ينساه .
ويقرأ بضم الياء ; أي لا ينسي أحد ربي أو لا ينسى الكتاب .
قال تعالى : ( وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا ( 53 ) كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ( 54 ) ) .
قوله تعالى : ( مهدا ) : هو مصدر وصف به ; ويجوز أن يكون التقدير : ذات مهد .
ويقرأ ( مهادا ) مثل فراش ; ويجوز أن يكون جمع مهد . ( شتى ) : جمع شتيت ، مثل مريض ومرضى ، وهو صفة لأزواج ، أو لبنات .
و ( النهي ) : جمع نهية . وقيل : هو مفرد .
قال تعالى : ( نحن ولا أنت مكانا سوى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه ( 58 ) ) .
قوله تعالى : ( بسحر مثله ) : يجوز أن يتعلق بلنأتينك ، وأن يكون حالا من الفاعلين .
( فاجعل بيننا وبينك موعدا ) : هو هاهنا مصدر ; لقوله تعالى : ( لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا ) أي في مكان . و ( سوى ) بالكسر : صفة شاذة ، مثله قوم عدا . ويقرأ بالضم ، وهو أكثر في الصفات ، ومعناه : وسط ; ويجوز أن يكون " مكانا " مفعولا ثانيا لاجعل ، وموعدا على هذا مكان أيضا ; ولا ينتصب بموعد ; لأنه مصدر قد وصف . وقد قرئ : سوى - بغير تنوين ، على إجراء الوصل مجرى الوقف .
قال تعالى : ( قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ( 59 ) ) .
قوله تعالى : ( قال موعدكم ) : هو مبتدأ ، و " يوم الزينة " بالرفع الخبر . فإن جعلت موعدا زمانا ، كان الثاني هو الأول ، وإن جعلت موعدا مصدرا ، كان التقدير : وقت موعدكم يوم الزينة . ويقرأ " يوم " بالنصب على أن يكون " موعدا " مصدرا ، والظرف خبر [ ص: 186 ] عنه ; أي موعدكم واقع يوم الزينة ، وهو مصدر في معنى المفعول . ( وأن يحشر الناس ) : معطوف ، والتقدير : ويوم أن يحشر الناس ; فيكون في موضع جر ; ويجوز أن يكون في موضع رفع ; أي موعدكم أن يحشر الناس . ويقرأ " تحشر " على تسمية الفاعل ; أي فرعون ، والناس نصب .