قال تعالى : ( وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة ( 29 ) ) .
قوله تعالى : ( إذا يشاء ) : العامل في " إذا " : " جمعهم " لا " قدير " لأن ذلك يؤدي إلى أن يصير المعنى : وهو على جمعهم قدير إذا يشاء ، فتعلق القدرة بالمشيئة ؛ وهو محال .
" وعلى " : يتعلق بقدير .
قال تعالى : ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ( 30 ) ) .
قوله تعالى : ( وما أصابكم ) : " ما " شرطية في موضع رفع بالابتداء .
( فبما كسبت ) : جوابه ، والمراد بالفعلين الاستقبال ، ومن حذف الفاء من القراء حمله على قوله : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) : [ الأنعام : 121 ] وعلى ما جاء من قول الشاعر : من يفعل الحسنات الله يشكرها ويجوز أن تجعل " ما " على هذا المذهب بمعنى الذي ، وفيه ضعف .
قال تعالى : ( ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام ( 32 ) إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ( 33 ) أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير ( 34 ) ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص ( 35 ) ) .
قوله تعالى : ( الجوار ) : مبتدأ أو فاعل ارتفع بالجار ؛ و " في البحر " : حال منه . والعامل فيه الاستقرار ؛ ويجوز أن يتعلق " في " بالجواري .
و ( كالأعلام ) على الوجه الأول حال ثانية ، وعلى الثاني هي حال من الضمير في " الجوار " و ( يسكن ) : جواب الشرط . ( فيظللن ) : معطوف على الجواب ، وكذلك " أو يوبقهن " - و " يعف " .
وأما قوله تعالى : ( ويعلم الذين ) : فيقرأ بالنصب على تقدير : وأن يعلم ؛ لأنه صرفه عن الجواب ، وعطفه على المعنى .
[ ص: 385 ] ويقرأ بالكسر على أن يكون مجزوما حرك لالتقاء الساكنين . ويقرأ بالرفع على الاستئناف . قوله تعالى : ( ما لهم من محيص ) : الجملة المنفية تسد مسد مفعولي علمت .
قال تعالى : ( للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى ( 36 ) ) .
قوله تعالى : ( فمتاع الحياة ) : أي فهو متاع .
قال تعالى : ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون ( 37 ) ) .
قوله تعالى : ( والذين يجتنبون ) : معطوف على قوله تعالى : ( للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) [ فصلت : 36 ] .
ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعني ، أو رفع على تقدير " هم " .
و ( كبائر ) - بالجمع ، واحدتها كبيرة ، ومن أفرد ذهب به إلى الجنس .
و ( هم ) : مبتدأ ، و " يغفرون " : الخبر ، والجملة جواب إذا .
وقيل : " هم " مرفوع بفعل محذوف ، تقديره : غفروا ، فحذف الفعل لدلالة يغفرون عليه .
قال تعالى : ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ( 43 ) ) .
قوله تعالى : ( ولمن صبر ) : " من " شرطية ، و " صبر " في موضع جزم بها ، والجواب ( إن ذلك ) : وقد حذف الفاء .
وقيل : " من " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ؛ أي إن ذلك منه .
قال تعالى : ( ومن يضلل الله فما له من سبيل وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ( 46 ) ) .
قوله تعالى : ( ينصرونهم ) : يجوز أن يكون في موضع جر حملا على لفظ الموصوف ، ورفعا على موضعه .
قال تعالى : ( وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ( 48 ) ) .
[ ص: 386 ] قوله تعالى : ( فإن الإنسان كفور ) أي إن الإنسان منهم .
قال تعالى : ( أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ( 50 ) ) .
قوله تعالى : ( ذكرانا وإناثا ) : هما حال ، والمعنى : يقرن بين الصنفين .
قال تعالى : ( أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ( 51 ) ) .
قوله تعالى : ( أن يكلمه الله ) : " أن " والفعل في موضع رفع بالابتداء ، وما قبله الخبر ، أو فاعل بالجار لاعتماده على حرف النفي و ( إلا وحيا ) : استثناء منقطع ؛ لأن الوحي ليس بتكليم .
( أو من وراء حجاب ) : الجار متعلق بمحذوف تقديره : أو أن يكلمه ؛ وهذا المحذوف معطوف على " وحيا " تقديره : إلا أن يوحى إليه ، أو يكلمه ؛ ولا يجوز أن يتعلق " من " بيكلمه الموجودة في اللفظ ؛ لأن ما قبل الاستثناء المنقطع لا يعمل فيما بعد " إلا " .
وأما ( أو يرسل ) : فمن نصب فمعطوف على موضع " وحيا " أي يبعث إليه ملكا .
وقيل : في موضع جر ؛ أي بأن يرسل . وقيل : في موضع نصب على الحال ؛ ولا يجوز أن يكون معطوفا على " أن يكلمه " ؛ لأنه يصير معناه : ما كان لبشر أن يكلمه الله ، ولا أن يرسل إليه رسولا . وهذا فاسد ؛ ولأن عطفه على أن يكلم الموجود يدخله في صلة أن ، و " إلا وحيا " يفصل بين بعض الصلة وبعض لكونه منقطعا .
ومن رفع " يرسل " استأنف .
وقيل : " من " متعلقة بيكلمه ؛ لأنه ظرف ، والظرف يتسع فيه .
قال تعالى : ( نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( ما كنت تدري ) : الجملة حال من الكاف في " إليك " .
قال تعالى : ( صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ( 53 ) ) .
قوله تعالى : ( صراط الله ) : هو بدل من ( صراط مستقيم ) بدل المعرفة من النكرة . والله أعلم .