قال : لأنه لا يفضي إلى المنازعة ( وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه ) لأنه دين وبدون الوصف يبقى مجهولا جهالة تفضي إلى المنازعة ( ولا بأس بالسلم في طست أو قمقمة أو خفين أو نحو ذلك إذا كان يعرف ) لاستجماع شرائط السلم ( وإن كان لا يعرف فلا خير فيه ) لأنه دين مجهول . ( وما لا يضبط صفته ولا يعرف مقداره لا يجوز السلم فيه )
قال : ( وإن استصنع شيئا من ذلك بغير أجل جاز استحسانا ) للإجماع الثابت بالتعامل ، وفي القياس لا يجوز لأنه بيع المعدوم . والصحيح أنه يجوز بيعا لا عدة والمعدوم قد يعتبر موجودا حكما والمعقود عليه العين دون العمل حتى لو جاء به مفروغا لا من صنعته أو من صنعته قبل العقد فأخذه جاز ، ولا يتعين إلا بالاختيار حتى لو باعه الصانع قبل أن يراه المستصنع جاز ، وهذا كله هو الصحيح .
قال : ( وهو بالخيار إذا رآه إن شاء أخذه وإن شاء تركه ) لأنه اشترى شيئا لم يره ولا خيار للصانع كذا ذكره في المبسوط ، وهو الأصح لأنه باع ما لم يره . وعن رحمه الله أن له الخيار أيضا لأنه لا يمكنه تسليم المعقود عليه إلا [ ص: 544 ] بضرر وهو قطع الصرم وغيره . أبي حنيفة
وعن رحمه الله أنه لا خيار لهما . أما الصانع فلما ذكرنا ، وأما المستصنع فلأن في إثبات الخيار له إضرارا بالصانع لأنه ربما لا يشتريه غيره بمثله ، ولا يجوز فيما لا تعامل فيه للناس كالثياب لعدم المجوز ، وفيما تعامل إنما يجوز إذا أمكن إعلامه بالوصف ليمكن التسليم ، وإنما قال بغير أجل لأنه لو ضرب الأجل فيما فيه تعامل يصير سلما عند أبي يوسف رحمه الله خلافا لهما ، ولو ضربه فيما لا تعامل فيه يصير سلما بالاتفاق . لهما أن اللفظ حقيقة للاستصناع فيحافظ على قضيته ، ويحمل الأجل على التعجيل بخلاف ما لا تعامل فيه لأنه استصناع فاسد فيحمل على السلم الصحيح . أبي حنيفة رحمه الله أنه دين يحتمل السلم ، وجواز السلم بإجماع لا شبهة فيه وفي تعاملهم الاستصناع نوع شبهة فكان الحمل على السلم أولى ، والله أعلم . ولأبي حنيفة