فصل : قال فإذا تقرر توجيه القولين في وجوب الزكاة في الذمة أو في العين ، فعلى القول القديم : إن الزكاة واجبة في الذمة ، واختلف أصحابنا هل بها أم لا ؟ على وجهين : العين مرتهنة
أحدهما : لا تعلق لها بالعين في الوجوب ، ولا تكون العين مرتهنة بها ؛ لأن العين لو كانت مرتهنة بها ما جاز تصرفه في العين قبل أداء زكاتها ، كما لا يجوز تصرفه في الرهن قبل نكاحه ، فلما جاز تصرفه فيها دل على أنه لا تعلق للوجوب بها ، والوجه الثاني : وهو أصح وعليه فرع الشافعي أن العين مرتهنة بما وجب في الذمة ، كالعبد الجاني رقبته مرتهنة بجنايته ، وإن كان للسيد أداء ذلك من غير رقبته ، فإن أخرج الزكاة من ماله ، وإلا أخذ الساعي ذلك من عين المال ، وبذلك جرت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيرة خلفائه رضي الله عنهم ، فأما على الجديد : أن الزكاة واجبة في العين ففي كيفية وجوبها قولان :
[ ص: 129 ] أحدهما : وجوب استحقاق وملك فيكون الفرض الواجب ملكا للمساكين هم فيه شركاء ، لكن سومح رب المال بأن أبيح له إعطاء البدل عنه من غيره ، ونظير ذلك مال الغنيمة .
والقول الثاني : وجوب مراعى لا وجوب استحقاق ، ونظير ذلك تعلق الجناية بثمن العبد وإثبات الخيار لمالكه ، والله تعالى أعلم .