الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا وضح ما ذكرنا وتمهد ما قررنا وكان مع رجل أربعون من الغنم لم يؤد زكاتها ثلاثة أحوال ، فإن قيل : إن الزكاة واجبة في العين وجوب استحقاق وملك ، فعليه شاة واحدة للسنة الأولى ولا شيء عليه للسنة الثانية والثالثة ؛ لنقصانها عن النصاب . وإن قيل : إن الزكاة وجبت في العين وجوبا مراعى نظرت فإن أخرج الزكاة من عين المال فعليه زكاة سنة واحدة ، وإن أخرج من غيره فعليه زكاة السنين الثلاث ، وإن قيل : إن الزكاة واجبة في الذمة ، فإن كان موسرا يملك غير هذه الغنم من عرض أو عقار فعليه ثلاث شياه للسنين الثلاث ، وإن كان لا يملك غير هذه الغنم ففي قدر ما عليه من الزكاة قولان مبنيان على اختلاف قوليه فيمن معه مائة درهم وعليه مثلها هل عليه زكاتها أم لا ؟ فعلى قوله في القديم : لا زكاة عليه ، فعلى هذا القول يخرج ثلاث شياه للسنين الثلاث ، فصار فيما يلزمه من زكاتها أربعة أقاويل .

                                                                                                                                            أحدها : زكاة سنة واحدة .

                                                                                                                                            والثاني : زكاة السنين الثلاث .

                                                                                                                                            والثالث : إن أخرج الزكاة منها وجبت عليه الثلاث زكاة سنة واحدة ، وإن أخرجها من غيرها وجبت عليه زكاة السنين الثلاث .

                                                                                                                                            والرابع : إن كان موسرا بغيرها وجبت عليه زكاة الثلاث سنين ، وإن كان معسرا بغيرها وجبت عليه زكاة سنة واحدة ، فلو كان معه خمسون شاة لم يؤد زكاتها ثلاثة أحوال فعليه ثلاث شياه على القولين سواء قيل : إن الزكاة في الذمة ، أو في العين لكمال النصاب بعد أداء الزكاة ، ولو كان معه أربعون من الغنم فلم يؤد زكاتها حتى حال الحول الأول فنتجت شاة ، ثم حال الحول الثاني فلم يؤد زكاتها حتى نتجت شاة ، ثم حال الحول الثالث فهذا عليه ثلاث شياه للسنين الثلاث على القولين معا ؛ لأن الشاة المستحقة في كل عام قد خلفتها شاة من النتاج ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية