الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يضم صنف من القطنية انفرد باسم إلى صنف ، ولا شعير إلى حنطة ، ولا حبة عرفت باسم منفرد إلى غيرها فاسم القطنية يجمع العدس والحمص قيل : ثم ينفرد كل واحد باسم دون صاحبه وقد يجمعها اسم الحبوب فإن قيل : فقد أخذ عمر العشر من النبط في القطنية قيل : وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العشر من التمر والزبيب وأخذ عمر العشر من القطنية والزبيب فيضم ذلك كله " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما القطنية وهي الحبوب المقتاتة سوى البر والشعير كالحمص والباقلي والعدس واللوبياء ، والأرز وما ذكرنا ، سميت بذلك لأنها قاطنة في المنزل مع أربابها إذا ادخرت أي : مقيمة .

                                                                                                                                            وحكي عن مالك : أنه ضم القطنية بعضها إلى بعض وجعلها جنسا واحدا ، واعتبر خمسة أوسق من جميعها وجعل البر والشعير جنسا واحدا أو اعتبر خمسة أوسق منها تعلقا ، بأن اسم القطنية جامع ، وإن كانت أنواعا كما أن اسم التمر جامع وإن كان أنواعا ثم ثبت أن أنواع التمر يضم بعضها إلى بعض فكذلك أنواع القطنية يجب ضم بعضها إلى بعض ، وأن عمر رضي الله عنه أخذ العشر من القطنية ، وهذا خطأ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا زكاة في الزرع إلا في أربعة البر والشعير والتمر والزبيب ولا تجب الزكاة فيها حتى يبلغ كل واحد منها خمسة أوسق ، ولأنها جنسان لا يحرم التفاضل في بيع أحدهما بالآخر فلم يجز ضم أحدهما إلى الآخر كالتمر والزبيب ، ولأن الزكوات لا تخلو من أن تكون متعلقة بالأسامي الجامعة أو الأسامي الخاصة ، فإن كانت بالأسامي الجامعة وجب أن تضم الحبوب كلها : لأن اسم الحبوب يجمعها ، والماشية كلها : لأن اسم الحيوانات يجمعها ، والتمر والزبيب : لأن اسم الثمر يجمعها ، فلما بطل هذا ثبت أنها متعلقة بالأسامي الخاصة التي تجمع أنواعا مختلفة كالتمر يجمع أنواعا مختلفة يقع على جميعها اسم التمر ، والعنب يجمع أنواعا مختلفة يقع على جميع اسم العنب ، كذا كل صنف من القطنية له اسم خاص يجمع أنواعا مختلفة ، وبهذا يفسد ما استدل به وما رواه عن عمر فلا دلالة فيه : لأنه قد أخذ الزكاة من الماشية ثم لم يكن فيه دليل على ضم بعضها إلى بعض ، فكذا في القطنية فإذا ثبت هذا فالبر وأنواعه صنف ، والعلس نوع منه والشعير وأنواعه صنف ، والسلت نوع منه ومن أصحابنا من قال هو صنف على حياله ، والدخن وأنواعه صنف ، والجاورس نوع منه ، ثم ما سوى هذه مما تقدم ذكره أصناف مختلفة ، وإن تنوعت فلا ضم صنف منها إلى صنف .

                                                                                                                                            [ ص: 243 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية