فصل : أما الحامل فينقسم حالها خمسة أقسام :  
أحدها : أنه يجب عليه أن يلتعن منها بغير قذف ، وهو أن تأتي بولد ولم يدخل بها ، فواجب عليه أن يلاعن منها لينفي ولدا يعلم قطعا أنه ليس منه حتى لا يلحقه بالفراش فيختلط بنسبه من لا يناسبه ، ويجعله محرما لبناته وهن أجنبيات عنه ، وإنما جاز أن يلاعن وإن لم يقذف ؛ لأنه يجوز أن يكون من زوج قبله أو أكرهت على نفسها فلا تكون زانية .  
والقسم الثاني : أنه يجب عليه ملاعنتها لكن بعد القذف ، وهو أن يكون قد أصابها واستبرأها ووجد معها رجلا يزني بها ثم أتت بحمل بعده ، فيجب عليه بالتعليل الذي ذكرنا أن يلاعن منها لئلا يدخل نسبه من لا يناسبه ، لكن لا يجوز أن يلاعن إلا أن      [ ص: 18 ] يقذف ، فيصير القذف لوجوب اللعان الذي لا يصح إلا به واجبا عليه ، ولولا الحمل ما وجب عليه .  
والقسم الثالث : أن يكون مخيرا بين أن يلاعنها أو يمسك ، وهو أن يطأها ولا يستبريها ، ويرى رجلا يزني بها ، فيكون بالخيار بين اللعان بعد القذف أو الإمساك ، فأما نفي الولد فإن غلب على ظنه أنه ليس منه جاز أن ينفيه ، وإن غلب على ظنه أنه منه لم يجز أن ينفيه ، وإن لم يغلب على ظنه أحد الأمرين جاز أن يغلب في نفيه حكم الشبه لأجل ما شاهد من الزنا ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للشبه في زوجة  هلال بن أمية   حين وضعت ولدها تأثيرا وقال :  لولا الأيمان لكان لي ولها شأن     .  
والقسم الرابع : أن لا يجوز له ملاعنتها ولا نفي ولدها وهو أن يكون على إصابتها ولا يراها تزني ، ولا يخبر عنها بالزنا ، ولا يرى في ولدها شبها منكرا ، فيحرم عليه لعانها ونفي ولدها لرواية  أبي هريرة   أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله الجنة ، وأيما رجل جحد ولده هو يراه احتجب الله عنه ، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين     .  
والقسم الخامس : ما اختلف في جواز ملاعنتها : أن تأتي بولد أسود من بين أبيضين ، أو أبيض من بين أسودين ولا يراها تزني ، ولا يخبر بزناها ، ففي جواز لعانه منها ونفي ولدها بهذا الشبه وجهان :  
أحدهما : يجوز لعانها ونفي ولدها ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  إن جاءت به على نعت كذا فلا أراه إلا وقد صدق عليها  ، فجعل للشبه تأثيرا .  
والوجه الثاني : وهو أصح ، أنه لا يجوز أن يلاعن منها ، ولا أن ينفي ولدها ، لرواية  سعيد بن المسيب   عن  أبي هريرة      : أن  رجلا من  بني فزارة   أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال : هل لك من إبل ؟ قال : نعم ، قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر ، قال : فهل فيها من أورق ؟ قال : نعم ، قال : أنى تراه ؟ قال : عن أن يكون عرقا نزعه ، فقال : كذلك هذا عسى أن يكون عرقا نزعه     . أي عسى أن يكون في آبائه من رجع بهذا الشبه إليه ، والله أعلم .  
 [ ص: 19 ] 
				
						
						
