مسألة : قال  الشافعي      - رضي الله عنه - : " ولو كان بالغا مجبوبا كان له إلا أن ينفيه بلعان ؛ لأن العلم لا يحيط أنه لا يحمل له " .  
قال  الماوردي      : أما المجبوب : فهو المقطوع الذكر ، وأما الخصي : فهو المقطوع الخصيتين ، فإن كان الخصي باقي الذكر فالولد لاحق به ، ولا ينتفي عنه إلا باللعان ؛ لأن إيلاج الذكر يحتلب المني من الظهر ، وإن كان مجبوب الذكر فالذي نقله  المزني   أن الولد له إلا أن ينفيه بلعان ، وعلل بأن العلم لا يحيط أنه لا يحمل له ، يعني أننا لا نتيقن عدم إنزاله ، ونقل  الربيع   هذه المسألة عن  الشافعي   في كتاب " الأم " . وعلل فقال : " لأن العلم لا يحيط أنه لا يحمل له " وهذا التعليل يدل على نفي الولد عنه بغير لعان .  
واختلف أصحابنا لاختلاف هذا التعليل على ثلاثة أوجه :  
أحدها : وهو قول الأكثرين منهم أن تعليل  المزني   هو الصحيح ، وأن الولد لاحق به لا ينتفي عنه إلا بلعان ، لأننا لسنا نقطع يقينا بعدم الإنزال ، وإنما الأغلب من حاله أنه لا ينزل ، وقد يجوز في الممكن إذا ساحق فرج المرأة أن ينزل ثم يجتذب الفرج الماء إذا أنزل ، ثم يجوز أن تحبل البكر بأن يجتذب فرجها مني الرجل إذا أنزل خارج الفرج وتلحق به ولدها ، كذلك ولد المجبوب يجوز أن يوجد ذلك فيه فيلحق به الولد ؛ لأن الولد يلحق من طريق الإمكان وإن كان بعيدا في الوجود .  
والوجه الثاني : وهو قول  أبي إسحاق المروزي   أنه  إن كان المجبوب خصيا ممسوح الذكر والأنثيين لم يلحق به الولد   ؛ لأن الأنثيين محل المني الذي يتدفق بعد انفصاله من الظهر ، فإذا عدم الممسوح الذكر الذي يجتذب به من الظهر وعدم الأنثيين الذين يجتمع فيهما ماء الظهر ، استحال الإنزال فلم يلحق به الولد ، وإن كان باقي الأنثيين لحق به الولد لإمكان إنزال المني لقرب مخرجه فاستغنى عن اجتذاب الذكر له من الظهر .  
والوجه الثالث : وهو قول  أبي حامد المروروذي   أن في أصل الذكر إذا جب ثقبين :  
أحدهما : مخرج البول ، والآخر : مخرج المني ، فإذا كان مخرج المني قد انسد والتحم لم يلحق به الولد لاستحالة إنزاله ، وإن كان مخرج المني باقيا كمخرج البول لحق به الولد ، لجواز إنزاله ، والله أعلم بالصواب .  
 [ ص: 22 ] 
				
						
						
